واجب الرعاية والحضور: تفعيل دور المسجد في بناء المجتمع واستدامة رسالته

يجب علينا تجاه الجوامع أو المساجد أن نصونها من الأوساخ والقاذورات، وأن نتعهدها بالحفظ والرعاية وأن نميط عنها ما يدنسها من أقذية، وأدناس ولو يسيرة، وأن نبتعد عن الوسائل التي تزيدها أذى.

ومما يستحب استحباباً متأكداً كنس المساجد وتنظيفها. عن أنس رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أؤتيها رجل ثم نسيها".

وفي هذا ترغيب في تنظيف الجوامع والمساجد من كل ما يطرأ عليها من الأوضار والأدناس حتى الكناسات القليلة، والقمامات الضئيلة في إزالتها أجور تكتب وتعرض على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان هذا الأجر في الأشياء الضئيلة ففي الكبيرة أوفر وأعظم. 

عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخذ المساجد في ديارنا وأمرنا أن ننظفها" .

وكان تعظيم الجوامع والمساجد بالخدمة مشروعاً في الأمم الماضية، ألا ترى أن الله حكى عن حنة أم مريم أنها لما حبلت نذرت لله تعالى أن يكون ما في بطنها محرراً، يعني عتيقاً يخدم المسجد الأقصى ولا يكون لأحد عليه سبيل.

ومما ينبغي أن تصان عنه الجوامع والمساجد البزاق فيها لحديث:" البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها".

وإذا بدر من الإنسان المسلم البصاق وهو في المسجد فليبزق في ثوبه ويحك بعضه ببعض، وإن كان في غير المسجد يبصق عن يساره أو  تحت قدمه.

وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بنهي من أكل ثُوماً أو بصلاً مما له رائحة كريهة عن قربان كل مسجد. عن الصحابي الجليل جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى بنو آدم".

ويلحق بها كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها كالفجل لمن كان يتجشأ، ومن به جروح معفنة، أو يتعاطى شرب الدخان، أو كان قذر الثياب منتن الرائحة.

ومما يجب أن تنزه عنه بيوت الله المطهرة اللغو والفحش واللغط واللهو والعبث وحديث الدنيا الشاغل عن الخشوع في الصلاة والتفرغ لذكر الله.

ومما تصان عنه المساجد من أفعال أفراد المجتمع إنشاد الضالة والبحث عن واجدها، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من سمع رجلاً ينشد في المسجد ضالة فليقل: لا أداها الله إليك فإن المساجد لم تبن لهذا".

ومما لا يجوز فعله في المسجد الاستصباح بالأدهان النجسة والمتنجسة، فإن دخان النجاسة نجس، وإدخال النجاسات المساجد ممنوع، ولا شك أن ما ينفصل من الدخان يؤثر في الحيطان وذلك يؤدي إلى تنجيسه فلا يجوز.

image about واجب الرعاية والحضور: تفعيل دور المسجد في بناء المجتمع واستدامة رسالته

وفي الختام:

"إن الواجب تجاه الجوامع والمساجد يتجاوز مجرد الحضور للصلاة، فهو مسؤولية جماعية وفردية في آن واحد. فالمسجد ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو صرح من صروح المجتمع الإسلامي، ومركز لنشر العلم والأخلاق والقيم. لذلك، يجب علينا المحافظة عليه، وتنظيفه، والمساهمة في دعم أنشطته، واحترام حرمة المكان وقدسيته. وعندما نؤدي هذا الواجب بصدق، نكون قد حافظنا على هويتنا الدينية، وعززنا روح الوحدة والتعاون بين أفراد المجتمع، مما يجعل المسجد رمزاً حيّاً للإيمان والعمل الصالح."

المرجع:

مجلة الداعي، المحرم – صفر 1440هـ العدد 1-2 ، السنة: 43 ص ص: 39-35