" فضل الصيام فى الاسلام "

" فضل الصيام فى الاسلام "

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

🌙فضل الصيام في الاسلام :

المقدمة

يُعَدّ الصيام عبادةً عظيمةً من أعظم العبادات التي فرضها الله تعالى على عباده المؤمنين، وهو ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها. قال الله تعالى في كتابه الكريم:

> "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة: 183].

image about

 

هذه الآية الكريمة تُبرز الغاية السامية من الصيام، وهي تحقيق التقوى، أي الخشية من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن. فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو تهذيبٌ للنفس وتربيةٌ للروح على الصبر والطاعة والابتعاد عن الشهوات والمعاصي.

image about
---

أولًا: معنى الصيام وحكمه

الصيام في اللغة هو الإمساك، وفي الشرع هو الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تعالى. وقد فرض الله الصيام في السنة الثانية للهجرة، وجعل شهر رمضان موسماً للطاعة والمغفرة والعتق من النار.

وحكم الصيام في الإسلام هو الوجوب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم، كما ثبت في حديث النبي ﷺ:

> "بُنِيَ الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِّ البيت" [متفق عليه].

 

فمن أنكر فرض الصيام فقد كفر، ومن تركه تكاسلاً فقد عرّض نفسه لغضب الله وعقابه، لأن في تركه استخفافًا بركنٍ عظيم من أركان الدين.


---

ثانيًا: الحكمة من مشروعية الصيام

للصيام حكم كثيرة عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، ومن أبرزها:

1. تحقيق التقوى: كما قال تعالى: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". فالصائم يتعلم مراقبة الله تعالى في خلوته، إذ لا يراه أحد حين يمتنع عن الطعام والشراب إلا الله، فيتربى على الإخلاص والطاعة.


2. تهذيب النفس وتقوية الإرادة: فالصوم يمنع النفس من التمادي في الشهوات، ويعوّدها الصبر وضبط الانفعالات. ولذلك قال النبي ﷺ:

> "الصوم جُنَّة" أي وقاية من الذنوب والنار [رواه البخاري].

 


3. الإحساس بالفقراء والمحتاجين: حين يجوع الصائم ويعطش، يشعر بمعاناة الفقراء، فيلين قلبه ويكثر عطاؤه. ولهذا يكثر المسلمون من الصدقة في رمضان.


4. الفوائد الصحية: وقد أثبت الطب الحديث أن الصيام ينقّي الجسم من السموم، ويُريح الجهاز الهضمي، ويُحسّن الدورة الدموية، ويُعزّز المناعة. وهكذا يجتمع في الصوم نفع الدنيا والآخرة.

 


---

ثالثًا: فضل الصيام وأجر الصائمين

لقد خصّ الله تعالى الصيام بفضلٍ عظيم لا يضاهيه عمل آخر، فقد قال في الحديث القدسي:

> "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به" [رواه البخاري].

 

وهذا يدل على أن أجر الصيام لا يُقاس بمقياسٍ دنيويّ، بل هو أجرٌ لا يعلمه إلا الله تعالى، لأنه عبادة خالصة بين العبد وربه.

كما وعد الله الصائمين بالجنة ورفع الدرجات، فقد قال النبي ﷺ:

> "في الجنة باب يُقال له الريّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم" [متفق عليه].

 

ومن فضائل الصيام كذلك أنه سبب لمغفرة الذنوب، فقد قال النبي ﷺ:

> "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" [رواه البخاري].

 

وفي هذا الحديث بشرى عظيمة لمن صام بإخلاصٍ واحتسابٍ للأجر، فالصيام يمحو الخطايا ويطهّر القلب ويقرّب العبد من ربه.


---

رابعًا: الصيام تربية إيمانية وأخلاقية

الصيام مدرسةٌ إيمانية عظيمة يتربى فيها المسلم على الأخلاق الفاضلة، فالنبي ﷺ قال:

> "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم" [متفق عليه].

 

بهذا التوجيه النبوي يتعلم الصائم التحكم في غضبه ولسانه، ويبتعد عن السبّ والجدال، لأن الصوم لا يكتمل إلا بأدبٍ وسلوكٍ حسن. فالصائم الحقيقي هو من يصوم قلبه ولسانه وجوارحه عن كل ما يغضب الله.

كما أن الصيام يعلّم الانضباط والنظام، فالمسلم يلتزم بمواعيد محددة للإمساك والإفطار، ويعيش في مجتمعٍ منضبطٍ يجتمع على الطاعة والعبادة، وهذا يُنمّي روح الجماعة والوحدة بين المسلمين.


---

خامسًا: الصيام في غير رمضان

مع أن صيام رمضان فرض، فإن الإسلام شرع أيضًا صيام التطوع في غيره، ليبقى المسلم متصلاً بربه طوال العام. ومن ذلك:

صيام ستة أيام من شوال: قال ﷺ:

> "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" [رواه مسلم].

 

صيام يوم عرفة: يكفّر سنتين، سنة ماضية وأخرى قادمة.

صيام عاشوراء: يكفّر سنة ماضية.

صيام الاثنين والخميس وأيام البيض من كل شهر.


كل هذه السنن تؤكد أن الصيام ليس عبادة موسمية، بل هو أسلوب حياةٍ إيماني يُجدّد الصلة بالله ويطهّر القلب باستمرار.


---

سادسًا: الصيام والمجتمع

الصيام لا يؤثر على الفرد فحسب، بل ينعكس أثره على المجتمع بأسره. فحين يصوم الناس جماعة، يشعرون بالوحدة والتكافل، وتكثر فيهم الرحمة والعطاء، وتقل الجرائم والمظالم.

وفي شهر رمضان خصوصًا، نرى روحًا جماعية فريدة؛ المساجد تمتلئ بالمصلين، والقلوب تمتلئ بالمحبة، والأيدي تمتد بالعطاء. فالصيام يصنع مجتمعًا متماسكًا متعاونًا يرفع فيه شعار التقوى والإحسان.


---

الخاتمة

إن الصيام عبادةٌ عظيمة تتجاوز حدود الجوع والعطش إلى معانٍ أسمى وأرقى، فهو تربيةٌ للنفس، وسموٌ للروح، وتقويةٌ للإرادة، وغرسٌ للتقوى في القلوب. ومن حافظ على صيامه بإخلاصٍ وصدقٍ نال رضا الله تعالى ومغفرته ودخول جنته.

فلنحرص على اغتنام هذه العبادة العظيمة، لا سيّما في شهر رمضان المبارك، ولنواصل الصيام تطوعًا بعده، فالصيام حياةٌ للقلوب، ووقايةٌ من الذنوب، وطريقٌ إلى جنات النعيم.

> قال رسول الله ﷺ:
"للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه."

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

15

متابعهم

41

متابعهم

117

مقالات مشابة
-