
*** أصول المُعاشرة الزوجية .. والحقوق العاطفية لكلا الزوجين *** ( 1 )
بســـم الله الرحمـــن الرحيـــم
*** أصول المُعاشرة الزوجية .. والحقوق العاطفية للمرأة والرجل *** ( 1 )
( الجزء الأول )
أود أولاً
أن أؤكد أن تناولى لهذا الموضوع الشائك ..
هو فى إطار التشريع الإسلامى ، وبعيداً عن أى إثارة ..
آملاً أن يوفقنى الله تعالى فى إماطة اللثام عن الكثير من الأمور الحرجة ،
وأن يدرك كل طرف حقه وواجبه تجاه الطرف الآخر .
فالإسلام الذى شرعه الله سبحانه وتعالى ؛ لمحيا الناس ومماتهم ..
لم يضع أى حرج فى تناول مثل هذه القضايا ؛ باعتبارها جانباً رئيسياً وهاماً من جوانب الدين..
وما جعل الله سبحانه وتعالى على المسلمين فى الدين من حرج .
قالت السـيدة عائشـة ، أم المؤمنين " رضى الله عنها وأرضاها " :
"رحم الله نساء الأنصار .. لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين " .
ومن يقرأ القرآن الكريم ويُطالع السنة النبوية المُطهرة ؛
يجد ويعرف كيف أن القرآن الكريم والسنة النبوية المُشرفة ؛ قد عالجا كل هذه الأمور بوضوحٍ تام...
فالبناء الأسرى .. يقوم على المودة والرحمة والسكن العاطفى والنفسى ...
كما أن ( العفة )
مقصد شرعى أساسى من مقاصد الزواج فى الإسلام ،
فلا تستقيم الحياة الزوجية دون تحقيقها ، رغم الحياء والخجل الذى يكتنف الكثيرين ؛
عند الحديث عن الجوانب العاطفية والنفسية فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية .
فمن هذا المُنطلق ..
يأتى تناولى لهذه القضية الهامة ..
التى ربما أدى حرج الناس من تناولها والحديث فيها ؛
إلى هدم الكثير من البيوت ، وإضاعة الكثير من الحقوق ...
ومن ضمن التساؤلات العديدة والمتكررة فى هذا الموضوع ،
فيما يتعلق بالمقاصد الأساسية للزواج ..
هل المقصد الرئيسى من وراء الزواج ؛ يتوقف عند قضاء الوطر وإنجاب الأولاد ؟
أم أن هناك مقاصد أخرى إلى جانب هذا المقصد ؟
أولاً ..
من ينظر إلى كتاب الله عز وجل ،
وهو المصدر الأول للإسلام
– عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً ومُثُلاً –
فهناك الهدف الذى شرعه الله لهذا الزواج أول ما شرعه ..
وهو بقاء النوع الإنسانى .. التناسل والتكاثر ..
والله سبحانه وتعالى .. أراد لهذا النوع أن يستخلفه فى الأرض ،
فلابد من وسيلة لهذا الأمر ؛ فركَّب الله الغريزة الفطرية فى الإنسان ؛
لتدفعه وتسوقه إلى هذا الأمر ، ويترتب على ذلك الإنجاب والتناسل ..
وفى هذا يقول الله تعالى :
( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً )
فعن طريق البنين والحفدة ، يتناسل النوع البشرى ،
ويبقى مُعمراً فى هذه الأرض وقائماً بحق الخلافة فيها لله .
ثانياً ..
الإشباع الفطرى لهذه الغريزة التى ركَّبها الله فى كلا الجنسين ،
فركَّب الله فى الرجل ميلاً إلى المرأة ، وركَّب فى المرأة ميلاً إلى الرجل ، فهذا دافع فطرى ..
والإنسان يظل متوتراً إذا لم يُشبع هذا الدافع وهذى الغريزة ..
وخصوصاً فى أيامنا هذه .. حيث المُثيرات والتبرج والمناظر المُثيرة للغرائز ،
فالإسلام شرع النكاح ،
وهناك بعض الأديان وبعض المذاهب الزهدية والفلسفية ؛
التى تقف من الغريزة الجنسية موقف الرفض ،
وتعتبرها كأنما هى رجس من عمل الشيطان ، فهذا موقف ..
وفى الماضى ..
كان الرُهبان فى العصور الوسطى يبتعدون عن النساء حتى ولو كُن أمهاتهم أو أخواتهم ،
حتى أنه كان يبتعد عن ظل المرأة ، والإسلام لم يشرع الرهبانية ، وإنما شرع الزواج ..
وحينما طلب بعض الصحابة من سيدنا محمد رسول الله " عليه وعلى آله الصلاة والسلام " أن يختصوا أو يتبتلوا ،
فلم يأذن النبى " عليه وعلى آله الصلاة والسلام " لهم بهذا .
ثالثاً ..
حاجة الإنسان النفسية إلى من يؤنسه وإلى من يعايشه ،
باعتبار أن الإنسان مخلوقاً اجتماعياً ، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم ، فى قوله تعالى :
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
ففى هذا الجانب ، يكون الإنسان فى حاجة إلى مودة وإلى رفيق يؤنسه ، يتراحمان ويتعاونان ،
وهذا أيضاً ركن هام من أركان الحياة الزوجية الأساسية ..
ومقصد من المقاصد العُليا والسامية للزواج .
.......................................................................................................................................
وإن شـــــاء الله ..
للحديث بقية .. إن كان فى العمر بقية .