المال في الإسلام.. نعمة ومسؤولية

المال في الإسلام.. نعمة ومسؤولية

0 المراجعات

المال في الإسلام.. نعمة ومسؤولية

المال: نعمة من نعم الله

المال من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، قال تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد: 7]، فالمال أمانة في يد الإنسان، لا يملكه ملكًا مطلقًا، بل هو مستخلف فيه، ومسؤول عن كيفية كسبه وإنفاقه.

وقد أمر الإسلام بالسعي في طلب الرزق، فقال النبي ﷺ: "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خيرٌ له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه"، فطلب الرزق بالعمل الشريف عبادة يؤجر عليها المسلم.

ضوابط كسب المال في الإسلام

لم يترك الإسلام باب المال مفتوحًا بلا ضوابط، بل وضع قواعد تمنع الظلم والفساد، وتُحقق العدالة بين الناس. من هذه الضوابط:

تحريم الربا: لما فيه من استغلال الفقراء وتكريس الفجوة بين الأغنياء والمحتاجين.

تحريم الغش والاحتيال: قال ﷺ: "من غش فليس مني".

تحريم أكل أموال الناس بالباطل: سواء بالرشوة أو السرقة أو غيرها.

 

فالمال الحلال هو ما كُسب بجهد مشروع، وبعيد عن المحرمات، وهو وحده الذي يُبارك الله فيه ويجعل فيه الخير والنماء.

الإنفاق في سبيل الله

حثّ الإسلام على الإنفاق في أوجه الخير، ووعد المنفقين بالأجر والثواب، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 261].

فالمسلم لا ينظر إلى المال كغاية، بل كوسيلة تعينه على طاعة الله، وخدمة مجتمعه، وإغاثة إخوانه.

والزكاة هي الركن المالي في الإسلام، فرضها الله على الأغنياء رحمة بالفقراء، وتنمية للمجتمع، وتطهيرًا للأموال، كما قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التوبة: 103].

التوازن بين الادخار والإنفاق

من مظاهر عظمة الشريعة الإسلامية أنها دعت المسلم إلى الاعتدال والتوازن، فلا إسراف ولا تقتير.

قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ﴾ [الإسراء: 29].

فالمال إذا أُدير بحكمة واعتدال، أصبح وسيلة للراحة والسعادة، أما إذا أُهدر أو أُمسك عنه بخلاً، صار سببًا للضيق والمشاكل.

التجارة في الإسلام

شجع الإسلام على التجارة، ورفع من قدر التجار الأمناء، فقال النبي ﷺ: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم من خيرة التجار، مثل عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، الذين جمعوا بين المال الحلال والخلق الكريم.

لكن الإسلام أيضًا وضع ضوابط لهذه التجارة، مثل الصدق، وعدم الاحتكار، والوفاء بالوعود، وعدم الغش في الميزان أو النوعية.

المال وسيلة لا غاية

من أخطر ما يمكن أن يقع فيه الإنسان أن يجعل المال هو هدفه الأساسي في الحياة، وقد حذر النبي ﷺ من ذلك بقوله: "تعس عبد الدينار".

فالمسلم الحقّ يستخدم المال ليحقق به طاعة الله، ويبني مجتمعه، ويؤمّن حاجاته، لكنه لا يجعل المال غاية يضحي من أجلها بدينه أو قيمه.

المسؤولية المجتمعية للمال

المال في الإسلام ليس حقًا فرديًا فقط، بل له بعد اجتماعي، إذ يُطلب من الأغنياء أن يسهموا في تنمية مجتمعاتهم، وتخفيف معاناة المحتاجين.

فالمشاريع الوقفية، والمؤسسات الخيرية، والبرامج التعليمية الممولة من الصدقات، كل ذلك من صور تعظيم دور المال في خدمة الأمة، وهو ما يعزز روح التكافل.

الخاتمة

المال في الإسلام نعمة عظيمة، إذا استُخدم كما أمر الله، صار بابًا للجنة، وإذا أُسيء استخدامه، صار وبالًا على صاحبه.

فلنحرص على كسب الحلال، وإنفاقه فيما يرضي الله، ولنكن ممن قال فيهم النبي ﷺ: "نِعْم المال الصالح للرجل الصالح".

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

10

متابعهم

4

متابعهم

9

مقالات مشابة