حقوق الجار في الاسلام

حقوق الجار في الاسلام

0 المراجعات

حقوق الجار في الاسلام

مقدمة: الجار في ميزان الإسلام

الجار في الإسلام ليس مجرد شخص يجاورك في السكن، بل هو شريك في الحياة اليومية، وله مكانة عظيمة جعلت النبي ﷺ يُوصي به حتى ظن الصحابة أنه سيورّثه، كما في الحديث:

> "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" [رواه البخاري ومسلم].

 

فحقوق الجار في الإسلام تتجاوز حدود التعامل الحسن، لتصل إلى مستوى الأخوة والدعم والإحسان، في كل وقت وحين.

 

---

أنواع الجيران ودرجات حقوقهم

قسّم العلماء الجيران إلى ثلاثة أنواع، بحسب درجة الصلة بهم:

1. جار مسلم ذو رحم: له ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرحم.

 

2. جار مسلم غير قريب: له حقان: الجوار والإسلام.

 

3. جار غير مسلم: له حق واحد: الجوار.

 

وهذا التقسيم يعكس مدى عدالة الإسلام وشموليته، حتى في التعامل مع غير المسلمين.

 

---

حقوق الجار في الإسلام

الإسلام أوصى بعدد من الحقوق التي يجب على المسلم مراعاتها تجاه جيرانه، ومن أبرزها:

١. الإحسان إليه

قال تعالى:

> "واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب..." [النساء: 36].

 

فالإحسان يشمل حسن التعامل، والكلام الطيب، والمساعدة عند الحاجة.

٢. كفّ الأذى عنه

النبي ﷺ قال:

> "والله لا يؤمن... من لا يأمن جاره بوائقه" [رواه البخاري].

 

أي لا يُؤذي جاره بقول أو فعل، لا برائحة طعام ولا بضجيج، ولا بإلقاء القمامة أو إشغال الطريق.

٣. مشاركته في أفراحه وأحزانه

من صور الإحسان إلى الجار: تهنئته في الفرح، ومواساته في الحزن، وزيارته عند المرض، والوقوف بجانبه عند الشدائد.

٤. ستره وعدم التجسس عليه

الإسلام ينهى عن التجسس، ويدعو إلى ستر العورات، وخاصة بين الجيران، فهم أدرى بحال بعضهم البعض.

٥. إهداؤه وطعامه

قال ﷺ:

> "يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة" [رواه البخاري].

 

أي حتى أقل شيء له قيمة عند الله، إذا كان فيه ودّ ومشاركة.

 

---

أثر مراعاة حقوق الجار على المجتمع

عندما تُحترم حقوق الجار، تتحول الأحياء إلى أسر كبيرة، يسودها الأمان والتراحم، وتقلّ فيها الجريمة، وتختفي مشاعر العزلة والكراهية. كما يكون ذلك سبيلًا لإظهار صورة الإسلام المشرقة أمام غير المسلمين، إذ يُعجب الناس بسلوك المسلم قبل أن يقرؤوا عن دينه.

 

---

حقوق الجار من منظور “أموالي”

إن مراعاة حقوق الجار لا تثمر فقط في الآخرة، بل تُعد استثمارًا اجتماعيًا واقتصاديًا، يُعزز من الثقة بين الناس، ويُقلل من النزاعات والخلافات التي تُرهق القضاء والشرطة، وتُضعف المجتمع.

كما أن الإحسان إلى الجار يفتح أبوابًا للتعاون في شؤون الحياة، من تبادل الخدمات، والحفاظ على الأمن، ودعم المبادرات الخيرية بين السكان.

 

---

كيف نُحسن إلى جيراننا في الواقع؟

ابدأ بالسلام، والكلمة الطيبة.

شاركهم ما يمكنك من طعام أو هدايا رمزية.

ساعدهم في حال المرض أو الحاجة.

احترم خصوصيتهم، وتجنب التدخل في شؤونهم.

سامح وتجاوز عن الأخطاء الصغيرة.

علم أبناءك احترام الجيران ومساعدتهم.

 

---

خاتمة: الجار بوابة الجنة أو النار

جعل الإسلام الجار معيارًا من معايير الإيمان، ووسيلة من وسائل دخول الجنة أو الحرمان منها. فاحترام الجار والإحسان إليه لا يحتاج إلى مال كثير، بل قلب طيب وسلوك راقٍ، وهو ما يميز المسلم الحقيقي.

فلنراجع أنفسنا، ونجعل من بيوتنا منارات خير لمن حولنا، ولنجعل جيراننا يشعرون أننا لهم سند، لا مجرد ساكنين بجانبهم.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

10

متابعهم

4

متابعهم

9

مقالات مشابة