أسباب السعادة  الدينية والدنيوية وأسباب الشقاوة

أسباب السعادة الدينية والدنيوية وأسباب الشقاوة

0 reviews

-----""أسباب السعادة""-----
 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه:

  • المقدمة:

-     كثير من الناس يبحث عن السعادة ويحب أن يكون سعيدا ويعيش حياة سعيدة فكل البشر يبحثون عن السعادة المؤمن والكافر والبر والفاجر اليهودي والنصراتي والبوذي والمجوسي وكل أجناس البشر كلهم يبحثون عن السعادة فمنهم من يبحث عليها في المال ومنهم في الجاه ومنهم في الشهرة ومنهم في النساء ومنهم يبحث عليها في السفر غير ذلك من أنواع الأشياء التي في هذه الدنيا والسعادة الحقيقية هي التي يكون العبد فيها قريبا من الله سبحانه طائعا لله عز وجل ممثلا أوامره مجتنبا نواهيه والسعادة تكون بالطاعة والتقوى .

والسعادة تكون بأسباب منها معنوية دينية شرعية ومنها حسية مادية دنيوية مباحة ولا تخرج السعادة المحمودة عن هذين السببين وفي آخر الكلام سأذكر باختصار أسباب الشقاوة. والله المستعان وبالله التوفيق.

وأنا أكتب لك بعون الله تعالى وتوفيقه أسباب السعادة من الناحيتين: المعنوية والحسية، فأقول:

  • الأسباب المعنوية الدينية الشرعية:

1.    السبب الأول: أول شيء ينال به العبد السعادة هو طاعة الله عز وجل وذكره والأنس بقربه جل وعلا والتقرب إليه سبحانه بعبادته وحده لا شريك له وترك الشرك به جل وعلا وأعظم ما يورث الشقاوة كما سيأتي-إن شاء الله تعالى -هو الشرك بالله تعالى وجعل معه الأنداد والآلهة فليس أشقى ممن اتخذ مع الله سبحانه ندا يعبده ويرجوه ويدعوه كما يدعو الله عز وجل فهذا أشقى الخلق -والعياذ بالله تعالى-ويأتي.

2.    السبب الثاني:تقوى الله عز وجل وذلك بفعل أوامر الله عز وجل وترك نواهيه والتقوى من أهم الأمور في جلب السعادة ونيل معية الله سبحانه الخاصة كما قال الله تعالى-: { وإن الله مع المتقين}وقال تعالى  :-{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} 

     وأيضا:التقوى سبب لمحبة الله سبحانه لعبده كما قال الله تعالى-: {والله يحب المتقين} ومن أسباب تفريج الكربات والهموم الغموم وقد قال الله تعالى-:{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} ومن أسباب تسيير الأمور ، قال تعالى-:{ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}

3.    السبب الثالث: ذكر الله عز وجل فللذكر أمور عجيبة في انشرح الصدر والاطمئنان كما قال الله تعالى -:{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}

    و فوائد الذكر كثيرة منها أنه يدفع الشيطان ويذله ويصرعه ويزيد الإيمان ويقوي القلب والبدن ويفتح باب العلم ويعين على تحصيله وينشط للعبادة ويكثر به الحسنات ويكفر الذنوب والخطايا وتحف الملائكة بالذاكر وليس أنجى من عذاب الله تعالى من الذكر كما قال صلى الله عليه و سلم:" ليس أنجى من عذاب الله تعالى من ذكر الله عز وجل".

     وغير ذلك من الفوائد والمنافع وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى مائة فائدة ومنفعة للذكر في كتابه الرائع " الوابل الصيب لرفع الكلم الطيب".

4.    السبب الرابع:الإيمان والعمل الصالح وهذا في القرآن الكريم كما قال الله تعالى-:{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} 

       والحياة الطيبة ليست بكثرة الأموال والأولاد والأزواج والمساكن في القصور وحسن المركوب والمطعوم والمفروش. 

   بل الحياة الطيبة كما قال العلماء في تفسير هذه الآية هي الرضا عن الله عن وجل وذكره جل وعلا والقرب منه والأنس به ومحبته سبحانه فهذه والله الحياة الطيبة الحقيقية .كما قال إبراهيم ابن أدهم رحمة الله عليه :"لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف" .فالقرب من الله جل  وعلا ومحبته واللهج بذكره عز و جل هي الحياة الطيبة.

    .وجاء عن الحسن البصري رحمة الله عليه أنه ذكر له الملوك وأبناء الخلفاء و السلاطين وما هم عليه من العيش والنعيم والرفاهية فقال رحمه الله تعالى:"والله لو طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إن ذل المعصية في رقابهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه". 

     ومعلوم أن طقطقة البغال مما يتمتع به تمتعا عظيما كذا هملجت البراذين ولا شك أن وقت الحسن البصري كان ملوك الظلمة وولاة الجور لكن السعادة والبهجة والسرور والراحة كلها في طاعة الله عز وجل واجتناب معصيته والتمتع برزقه الحلال الطيب والقناعة بما رزق الله عز وجل. 

   وجاء أيضا: عن السلف في تفسير الآية السابقة أن الحياة الطيبة وهو الرزق الحلال.

5.    السبب الخامس: الاستغفار والتوبة، كما قال الله تعالى-:{وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسانا ويؤخركم إلى أجل مسمى ويؤتي كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير }

     وقال تعالى. عن هود عليه السلام أنه قال لقومه -:{ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم السماء مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين}فالاستغفار والتوبة مما ينزل الله به المطر ويكثر الغيث مما ينبت به النبات والثمرات والخيرات من الله الغفور الرحيم وأيضا الاستغفار ينعم الله تعالى به الجسد ويزيده قوة ونشاطا وسعادة.

      وقال الله تعالى عن صالح عليه السلام أنه قال لقومه-:{يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} فعبادة الله عز وجل وحده والاستغفار والتوبة سبب لقرب الله سبحانه من عباده وإجابة دعوته وإلطافه جل وعلا بهم وإعطائهم سؤلهم ومن ذلك ما يريدون من السعادة من إمدادهم بكل سبب يوجب سعادتهم من المال والصحة والفرح والسرور وكل شيء.

6.    السبب السادس: العلم النافع والعمل به والعلم من أعظم أمور التي تجلب السعادة وتزيد الإيمان والاطمئنان وراحة البال فبالعلم يعرف العبد معبوده وإلهه وخالقه فيحبه ويرجوه ويخافه فيعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله وما يتصف به من صفات الكمال والجلال  والجمال والبر والإحسان والإكرام والإنعام.

     ويعلم ما يوقعه في المهالك وما ينجيه منها وما يفعله من الأعمال الصالحة والفضائل التي ترضي الله عز وجل وتكون سببا في دخوله الجنة وسعادته في الدنيا والآخرة وهذه هي السعادة المطلوبة . 

     و جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم :"من سلك طريقا يطلب فيه علما سهل الله به طريقا من طرق الجنة"متفق عليه. 

    وجاء أيضا: عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما جلس قوما في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يلحق به نسبه"رواه مسلم.

      وفي الحديث القدسي أن الله تعالى قال في القوم الذين يجلسون يذكرون الله عز وجل ويمجدونه ويحمدونه ويسألونه أنه تعالى يقول للملائكة :" قد أعطيتهم وما سألوا وأعذتهم مما استعاذوا هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".متفق عليه.

7.    السبب السابع: الرضا بقضاء الله تعالى وقدره فيعلم العبد أنه :"ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف ".كما قال النبي صلى الله عليه و سلم. 

     والرضا بالقضاء مما يورث العبد الاطمئنان والراحة النفسية وراحة البال وحسن الظن بالله سبحانه و تعالى والحكمة من القدر والقضاء وأنه إذا علم الحكمة من القدر فإنه يرضى ويرتاح والقضاء والقدر كله حكمة من الله سبحانه الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقضائه وقدره وإذا علم ذلك ارتاح واطمئن وسعد و أيضا: مما يورثه الرضا من الله تعالى على عبده وهذه أيضا سعادة أخرى.

      وجاء صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا لمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له "

    و أيضا: من الأمور التي تجلب السعادة النظر إلى من هو تحت في المال والرزق والعافية وتوابعها والنظر إلى من هو فوقه في العلم والدين والعمل الصالح. قال صلى الله عليه و سلم:"انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم". 

   فالنظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا يعلم العبد أنه في نعم كثيرة فيورثه ذلك الشكر والرضا وراحة البال والاطمئنان وهذه سعادة يحرص عليها أصحاب الأموال. والله المستعان.

8.    السبب الثامن: الإحسان إلى الناس. والإحسان من أعظم الأمور التي تجلب السعادة العبد وأن ذلك من جنس العمل كما أنك أسعدت عباد الله وأدخلت عليهم الفرح والسرور فيجازيك الله تعالى من جنس عملك فيسعدك كما قيل: أسعد تسعد .وقال الله تعالى-:{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} 

    وقال صلى الله عليه و سلم ": إن الله محسن يحب المحسنين. " وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم:" اللهم أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين". 

   وقال صلى الله عليه و سلم:" ليس عمل أحب إلى الله من سرور تدخله على مؤمن تذهب عنه جوعا أو تقضي له دينا". وفي رواية :"تطعمه خبزا". وقال صلى الله عليه وسلم:" أحب العباد إلى الله أنفعهم لعباده". 

    ومن رحم عباد الله رحمه الله ومن نفع عباده نفعه الله وهو النافع الضار ومن أعطى عباد الله أعطاه الله المعطي المانع ومن أحسن إليهم أحسن الله المحسن إليه ومن ضره ضره الله ومن منعهم منعه الله ومن أسعدهم أسعده الله ومن أفرحهم أفرحه الله وكما تعامل عباد الله يعاملك الله كما تعاملهم. والله المستعان ، وبالله التوفيق.

و الأسباب الدينية الشرعية كثيرة أيضًا: كتلاوة القرآن والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والصلاة النافلة والصوم وغير ذلك من أوراد العبادات فكل أمر يقربك من الله عز وجل يكون سببا في السعادة والاطمئنان الراحة وانشراح الصدر .

وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا حزبه أمر - أي: إذا أهمه- فزع إلى الصلاة . وكان يأمر أهل بيته إذا أصاب أحدهم هم أن يقول :"الله ربي الله ربي لا أشرك به شيئا". و قال صلى الله عليه و سلم:" إذا أصاب أحدكم سقم فقال :"الله الله ربي لا شريك له إلا برء أو عوفي"أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم. وغيرها من أذكار الكرب والهم والغم والحزن والفرح و الأمور المكروهة. والله المستعان.

فهذه أسباب معنوية دينية شرعية .

أما الأسباب الحسية المادية فهي كثيرة لكن قبل الكلام عليها أنبه على أمر مهم جدا وهو : أن هذه الأسباب المادية الحسية لا تجلب السعادة لوحدها بل لابد مع اقتران طاعة الله عز وجل القرب منه جل وعلا وتقواه معها وإلا ربما كانت سببا لشقاوة العبد وتعاسته. نسأل الله السلامة والعافية.

وإليك الأسباب الحسية المادية الدنيوية.

  • الأسباب الحسية المادية الدنيوية:
  • السبب الأول: المال. فالمال الحلال سبب قوي في جلب السعادة كما أن الفقر سبب لجلب الشقاء والبؤس والتعاسة وليس المقصود أن الفقراء أشقياء لأنه نجد من الفقراء من هم من أسعد الناس وأسعد من كثير من الأغنياء لكن قد قال النبي صلى الله عليه و سلم:"نعم المال الصالح للرجل الصالح". 
  •   
  •    وكان النبي صلى الله عليه و سلم من دعائه :" اللهم أعوذ بك من الكفر والفقر والقلة و الذلة وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم". 
  •        وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم :"اللهم أعوذ بك من القلة والذلة والمسكنة ............وأعوذ بك من سوء الأخلاق وضيق الأرزاق وذلك لأن الكفر سبب للمنع من الخير الأخروي والفقر سبب لمنع العبد من التمتع بالخير الدنيوي وقال تعالى -:{المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} 
  •      قال سعيد بن المسبب رحمه الله تعالى:" لا خير فيمن لا يجمع المال من حله يكف به وجهه ويصل له رحمه ويؤدي فيه حقه". وغيرها ذلك من النصوص و الآثار التي جاءت في فضائل المال الحلال وأنه سبب لتحصيل المرء مراده مما يكون سببا في سعادته ورضاه وراحته وأنه بدون مال ربما تعس وأحس بالشقاء.

1.    السبب الثاني: الزواج. فالزواج من أكبر أسباب السعادة فالعبد إذا وفق لمرأة صالحة فقد وفق السعادة بل لكمال السعادة وقال النبي صلى الله عليه و سلم:"الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" .

  وقال صلى الله عليه و سلم:"حبب إلي من الدنيا : الطيب والنساء وجعل قرة عيني في الصلاة". لكن بشرط فالسعادة في الزواج هو الذي يكون مبنيا على طاعة الله عز وجل وتقواه وتكون المرأة صالحة والرجل صالحا أيضا: وإلا ربما يكون الزواج شقاء ومشاكل وتعاسة.

   قال صلى الله عليه وسلم:" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".فذات الدين هي التي تكون سببا في سعادة المرء أما من يتزوج لأجل المال أو الجمال أو الحسب فقط فربما شقي من حيث أنه أراد الفرح والسرور والسعادة. وليس معنى ذلك أنه يتغاضى عن المال والجمال والحسب وإذا اجتمع في المرأة هذه الأمور الأربع فقد تمت سعادة المرء. والله المستعان.

2.    السبب الثالث: الاعتناء بالصحة. فالصحة والعافية سبب السعادة والفرح وراحة البال والسرور والبهجة ، وأيضا: ليس من كان مريضا مبتلى أنه شقي لا . بل كما هو معلوم أن الله سبحانه وتعالى يبلي المؤمن بالأمراض والبلاء والهموم والغموم وهو يحبه ويعطي الكافر و الفاجر الصحة والفرح السرور والنعم وهو يبغضه. 

   وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :"لتجد المؤمن أمرض الناس جسدا وأطهرهم قلبا وتجد الكافر أصح الناس جسدا وأمرضهم قلبا ولو كنتم كذلك لهلكتم". والله سبحانه ليس كمثله شيء في أسمائه وصفاته وأفعاله ، كما قال الله تعالى -:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} 

    ويعامل الله سبحانه العبد معاملة من ليس كمثله شيء وقد قال تعالى -:{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول رب أكرمن وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن كلا}. 

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى : يعني ليس كل من وسعت عليه رزقه وأعطيته ونعمته أكون قد أكرمته وليس كل من ضيقت عليه رزقه وابتليته أكون قد أهنته بل أبتلي بنعمي وأكرم ببلائي". أو كما قال رحمه الله تعالى. 

   وقال أيضا رحمه الله تعالى في كلام معناه: “إذا أحب الله عبدا أكثر همه وغمه وإذا أبغض أحدا أفرحه وأدخل عليه السرور وأنعم عليه فكلما أذنب ذنبا أحدث له نعمة حتى يهلكه". فالمقصود أن الصحة سبب السعادة والسرور والفرح والبهجة والصحة والوقت نعمتان من أعظم النعم كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ". 

   وما أعطى عبد شيء أفضل من العافية :" اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة".

3.    السبب الرابع: الرياضة والمشي وهذا من أكبر الأسباب في الشعور بالسعادة والفرح والبهجة فالصحة كما سبق من أسباب السعادة والرياضة والمشيء سبب للصحة الجسدية والنفسية والمزاجية وراحة البال والحركة والنشاط سبب من أسباب السعادة وأيضا: فوائد المشي والرياضة عظيمة معلومة لكل أحد لكن الأمر بسيط لكن القليل من يفعله وينتظم به ويطبقه.

وهناك الكثير من الأسباب التي تجلب للعبد السعادة ومنها الطعام الجيد اللذيذ الصحي و الراحة والنوم والمخالطة الأصدقاء الصالحين المتفائلين الذين يبعثون في الشخص التفآل و الإيجابية والسرور والانبساط والعمل في الدنيا من الصناعة أو التجارة بالحلال مع الصدق أو الزراعة و الجلوس مع العائلة واللعب مع الأطفال والإخوة الأشقاء وتبادل الحديث معهم وغيرها ذلك من الأمور المباحة.

  • التوحيد أعظم أسباب السعادة:

ومن أعظم أسباب السعادة والاطمئنان والأمن والاستقرار ورغد العيش توحيد الله سبحانه ، وإفرادهسبحانه بالعبادة وحده لا شريك له ، كما قال الله تعالى-:{الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم يظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} 

   فالذين ءامنوا بالله تعالى وأفردوه بالعبادة وحده ولم يخلطوا إيمانهم بشرك صغيرا أو كبيرا جليلا أو حقيرا خفيا أو جليا أن لهم الاهتداء والاطمئنان والأمن التام في الدنيا والآخرة ، وقال تعالى -:{وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستحلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا لهم يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}

  • الشرك بالله تعالى أعظم أسباب الشقاوة:

    وأيضا: هناك الكثير من الأسباب التي تجلب العبد الشقاوة وأعظمها كما مر الشرك بالله تعالى وصرف العبادة لغير الله سبحانه من الأوثان والأصنام والمعبودات الباطلة من الشمس والقمر والأولياء و الصالحين و الغائبين وهذا السبب الرئيس في شقاوة العالم في هذا العصر فأكثر الخلق لم يعبدوا الله سبحانه الخالق العظيم المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة والآلاء الجليلة الجسيمة.

  • المبتدعة في شقاء وتعاسة:

و أيضا: من أسباب الشقاوة البدع والأهواء فأهل البدع في شقاوة وضلال وذلك نتيجة الانحراف وشؤم البدعة التي تورثهم الشقاء كالإلحاد في أسماء الله وصفاته كالجهمية المعطلة التي نفت الأسماء والصفات كلها فهي تعبد عدما كما قيل :"الممثل يعبد صنما والمعطل يعبد عدما".

   و أيضا: الصوفية أهل وحدة الوجود و الإتحادية والحلولية لذين يعتقدون ان الله جل جلاله يحل في مخلوقاته أو أن الله سبحانه وتعالى عين هذا الوجود أو أن الله تعالى متحدا مع خلقه فلا شك أنه ضلال ومن أعظم الكفر ومن يعتقد هذا الاعتقاد في شقاء عظيم. وأيضًا: الصوفية القبورية التي تعبد القبور وتغلو في المشايخ الأولياء وتجعل المشايخ لهم التصرف في الكون ويعلمون الغيب وغير ذلك من الشرك و الضلال.

أيضا: كأهل الكلام فعلم الكلام والمنطق والفلسفة الذي يوث الضلال و الحيرة والشكوك في ذات الله عز وجل فأهل الكلام والعقل من أشقى الناس وبسبب عقلهم جلب لهم الشقاوة فحكموا العقل على الكتاب والسنة فضلوا وشقوا وتحيروا عاشوا في حيرة وشكوك إلى أن حضرهم الموت ولم يعرفوا الله عز وجل .

    كما قال أحدهم إني أضجع فأضع الملحفة على رأسي وأفكر في ذات الله عز وجل حتى يطلع الفجر ولم يتبين لي شيئا".وقال آخر حين حضرته الوفاة : هأنذا أموت على دين عجائز نيسابور. فحياته كلها قضاها حيرة وشكوك والتفكير في ذات الله عز وجل هل هو جوهر أو جسم أو عرض أم له أعضاء وأدوات وغير ذلك مما يمليه إليهم عقلهم. والله المستعان.

  • المعاصي تجلب الشقاوة:

     وأيضا: من أسباب الشقاوة المعاصي والذنوب وخاصة الكبائر كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والكذب والنميمة وغير ذلك من الكبائر الموبقة التي تهلك العبد في الدنيا قبل الآخرة. نسأل الله السلامة والعافية.

فبعض الذين يفعلون هذه المعاصي مثل الزنا والتمتع بالحرام أو شرب الخمر أو سماع الغناء والموسيقى يظنون أن هذه المعاصي تجلب لهم السعادة والحقيقة أنها تجلب لهم الشقاوة وغضب الرب جل جلاله وسخطه.

وأيضا: لا أشقى ممن دخل النار وعذبه الله عز وجل فيها فهذا هو الشقي الحقيقي وخاصة إذا كان خالدا مخلدا فيها أبدًا - والعياذ بالله تعالى-.

قال الله تعالى -:{ يوم تأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيما ما دامت السموات و الأرض إلا ما شاء الله إن ربك فعال ما يريد وأما الذين سعدوا في الجنة خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ}

  • الخاتمة:

وأيضا: السعادة الحقيقية الدائمة هي عند دخول العبد الجنة وينعم بالنظر إلى وجه الله سبحانه الكريم مع أوليائه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. نسأل الله تعالى من فضله إنه جواد كريم.

والسعادة والشقاوة قد كتبها الله تعالى في الأزل في اللوح المحفوظ فالشقي من شقي في الكتاب الأول والسعيد من سعد في الكتاب كذلك. كما قال تعالى-:{ يؤفك عنه من أفك}أي: يصرف عن الإيمان بمحمد والقرآن من صرف في علم الله تعالى في الكتاب الأم (اللوح المحفوظ).

   وأيضا : أن السعادة بيد الله تعالى وتكون سببا من العبد قال صلى الله عليه و سلم:"السعيد من سعد في بطن أمه و الشقي من شقي في بطن أمه" فالسعيد من فعل السبب فأسعده الله تعالى والشقي من فعل السبب كذلك فأشقاه الله تعالى ولا يستطيع أحد أن يسعدك أو يشقيك إلا الله تعالى.

   وكان من دعاء ابن عمر رضي الله عنه:"اللهم إن كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا".

   فالذي يغير من الكتابة هو ما كان في صحف الملائكة أما ما كتب في اللوح المحفوظ فلا يغير أبدا لأن الله تعالى قد كتبه عن علم ورحمة و عدل وحكمة.والله المستعان وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

والحمد لله رب العالمين. وانظر أيضًا :مسائل في القضاء والقدروانظر أيضًا:كيف تنال السعادة الشيخ عبد الرزاق البدر

         وكتبه

      أبو عبد الله

صابر بن حسين ترزي

   العنابي الجزائري

    غداة الجمعة

17 شعبان 1441من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.والموافق ل10أفريل2020م.

عنابة الجزائر

 

 

 

 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

39

متابعين

2

متابعهم

3

مقالات مشابة