النباتيون ..ومناقشة للمذهب النباتي

النباتيون ..ومناقشة للمذهب النباتي

0 المراجعات

لقد كان الشرق منبت فكرة قصر الغذاء على المنتجات النباتية  وارتبطت الفكرة بالعبادات حتى إننا نجد أثرها باقياً في كثير من الأديان .. ولعل أبا العلاء المعري - الشاعر العربي الكبير - أول مسلم أخذ نفسه بهذا المبدأ  أو دعـا إلـيـه وكـان يرى فـيـه ارتفاعاً وسمـواً عن الـ تـشـبـه بأكلة اللحوم من الحـيـوان٠

أما في بلاد الغرب فلم تستعمل كلمة : نباتي  قبل عام ١٧٤٧ .. وهم يعنون بهذا الاقتصار في طعام الإنسان على الأطعمة النباتية وحدها ويحرم من تبع  منهم هذا المذهب تناول اللحوم أو أي طعام يحصل عليه من قتل الحيوانات٠

والفكرة الأساسية في المذهب النباتي هي تحريم تناول اللحم عموما  ولكن النباتيين في العادة يحرمون أيضاً شرب الخمر .. وفي هذا المذهب مـدارس متعددة يحرم بعضها طبخ الطعام ويقتصر على الأطعمة الطازجة وحدها  ويبيح بعضها تناول المشتقات الحيوانية كالبيض واللبن  وأحيانا السمك ..وبعضها يحرم تناول الدرنات والجذور التي تنبت في جوف الأرض ويقصر الطعام على الأجزاء النباتية المعرضة للضوء !.. وبعضها يمتنع عن تناول جميع الحبوب والبقول ويقتصر على الفواكه والسلطة واللبن ومشتقاته !. والحـجـج التي يسوقها النباتيون فيها  للتدليل على صحة مذهبهم تتلخص

فيما يلي :

من الناحية الصحية ٠٠٠٠

إن الحيـوانات كثيراً ما تصاب بأمراض ينتقل منها  إلى الإنسان بعد تناوله لحومها وألبانها  كمرض السل والإصابة بالطفيليات كما أن بعض الحيوانات التي تتغذى تغذية صناعية تنقل لحومها إلى الجسم أمـراضـاً كالنقرس والسرطان .

من الناحية الاقتصادية ٠٠٠٠

فالطعام النباتي أرخص كثيراً من الطعام الحيواني فإنهم يستدلون بذلك أن الفدان الواحد من الأرض إذا ما زرع نباتات فإنها  تصلح لطعام الإنسان  ويعطي أكثر مما لو ترك لترعى فـيـه الـحـيـوانات  وذلك بمقدار يتراوح بين الضعف والعشرين ضعفاً.

 تحسين نوع الجنس البشري ٠٠٠٠٠

لأن الزراعة تتطلب عملا ونشاطاً أكبر مما تتطلبه تربية الماشية !..

من ناحية السمو بالشخصية الإنسانية ….. 

فمادام من الممكن أن يقتات الإنسان بالطعام النباتي وحده  فليس هناك ما يبرر قيامه بعمليات الذبح التي تثير في نفس الإنسان حب العدوان ومنظر الدماء وتولد القسوة في النفوس .. وفي ذلك يقول : م. جوتتيه (  مؤلف)  : « إن الطعام النباتي له مزايا مؤكدة على غيره من الأطعمة فهو يمد الدم بما يحتاجه من عناصر  وينظم دورته ويحفظ على الشرايين مرونتها ويمنع تصلبها  كما أنه يعمل على تلطيف حدة المزاج  وكف غلواء النفس  لأنه يجعلنا أكثر هدوء  وأبعد عن العنف والعدوان  ويخلق في النفوس عادات حميدة مثل حب السلام  والتشرب بالروح الفنية  مع توافر الخصوبة والحرية والنشاط ٠

                                                                   


من ناحية تأثرالإنسان بطبائع الحيوانات التي يأكل لحومها ….

وقد أكدت أبحاث العلماء ذلك  فعلى سبيل المثال  نرى انعدام الغيرة والعفة الجنسية عند أغلب الأوربيين والأمريكيين  وغيرهم ممن يأكلون لحم الخنزير  لأن ذلك من طبيعته .. كما أن أكل اللحوم الحيوانية بكثرة وباستمرار يكسب المرء ضراوة وعنفا شيئا فشيئا !. أمـا خـصـوم المذهب النباتي يعترضون على ذلك بالقول بأن الطعام النباتي أقل في قيمته الغذائية من

الطعام الحيواني ومن ثم لابد من تناول كميات كبيرة منه مما يسبب عسر الهضم والانتفاخ .. وهذه الحجة تقام على النباتيين الذين لا يتناولون الألبان والبيض وما إليها .. وثمة اعتراض آخر  وهو أن الحيوانات التي يذبحها الإنسان للأكل لو تركت تتكاثر بلا قـيـد لملأت الأرض وزاحمت الإنسان عليها !.. ولكن ليس من الصعب دحض هذه الحجة

والمذهب النباتي قـديم فقد جاء ضمن تعاليم الدين الهندوسي وهو منتشر بين الهنود الوثنيين .. كما ورد في تعاليم أفلاطون وبلوتاك وغيرهما

من قدماء الكتاب اليونانيين . يعتنقه بعض مذاهب الدين المسيحي من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية .. والأقباط الأرثوذكس يلتـزمـونه في صيامهم السنوي .. هذا وتحببه وتدعو إليه جماعات جيش الخلاص وأنصار تولستوي . وتنتشر جمعيات النباتيين في إنجلترا وأمريكا وفرنسا والنمسا وهولندا واستراليا .. وكان الشاعر البريطاني شيلي من غلاة المدافعين عن المذهب النباتي  كمـا كـان چور برنارد شو الكاتب الايرلندي من مـشـاهـيـر النباتيين ..

وكذلك أديب روسيا تولستوي  وزعيم الهند المهاتما غاندي  والكاتب الكبير أنيس منصور وأول رائد لهذا المذهب في بريطانيا هو: چورچ شین  ( 1671 - ١٧٤٣م ) ثوكان طبيبا اسكتلنديا تولى الدعوة له في كتابه : بحث في النظام الغذائي الذي نشر في عام 1740 .. وأسست أول جـمـعـيـة للنباتيين في مانشستر عام ١٨٤٧

وكان دخول المذهب النباتي ألمانيا على يد قسيس اسمه ، ادوارد بالترز، (۱۸۱۶ - ۱۸۸۷م) .. ومن بين أنصار المذهبية في ألمانيا جوستاف فون سترين  الذي ربط بين المذهب النباتي والاشتراكية .

وقد تأسس الاتحاد الفيدرالي للنباتيين عام ۱۸۸۹  وانضمت إليه جمعيات عدة في سائر أنحاء العالم .. أما المطاعم النباتية فهي منتشرة إلى حد ما في تلك البلاد التي يكثر فيها النباتيون .

والمذهب النباتي ليس له وجود في مصر والبلاد العربية فيما عدا صيام المسيحيين الأرثوذكس والتزامهم الأطعمة النباتية في مدة صيامهم .. أما من حيث الواقع فالسواد الأعظم من السكان وبخاصة في الريف  ملتزمون بالطعام النباتي لرخصة وتوفره ولأنه يهيئ للإنسان احساسا بالشبع والامتلاء .. والسبب الرئيسي هنا اقتصادي وليس مذهبيا .

حكمة الإسلام في تحريم المذاهب النباتية٠٠٠٠٠

لقد أثبت علماء التغذية أن الإنسان لكي يعيش عيشة صحية سليمة فلابد له من أكل اللحوم والنباتات معا ولا يمكنه الاقتصار على أحدهما دون الآخر .. ومن الملاحظ أن الشعوب النباتية مثل الهند تكون أجسادهم هزيلة ضعيفة .. والطفل المولود في الشعوب النباتية لا يزيد وزنه عادة عن ۲ كجم في حين أن مثيله في الشعوب الأخرى يزيد وزنه عليه 3 كجم .. ومما يعرض النباتيين عن أكل اللحوم هو أنهم يأكلون المشتقات الحيوانية كالحليب والبيض إلى جانب النباتات  وإلا أصيبوا بالهزال وفقر الدم حيث ان الاغذية النباتية بما فيها بروتينات النبات لا تولد جميع الأحماض الأمينية اللازمة لبناء اجهزه الجسم ٠

وتحتوي اللحوم على كمية كبيرة من البروتين والدهون وهی مواد لازمة لبناء أنسجة الجسم وتوليد الطاقة .. وحقيقة أن النبات يحتوي على هذه  المواد أيضا ولكن لكي يحصل الإنسان على الكمية اللازمة لنموه وطاقته فلا بد له من كمية كبيرة جدا من النباتات مما قد يجهد جهازه الهضمي وذلك لأن أمعاء الإنسان قصيرة بالنسبة لأمعاء الحيوانات آكلة العشب.

وهكذا تظهر حكمة الإسلام في محاربة المذاهب النباتية والحث على أكل اللحوم .

وعن اللحوم يقول الله تعالى : (  وَٱلۡأَنۡعَـٰمَ خَلَقَهَا‌ۗ لَڪُمۡ فِيهَا دِفۡءٌ۬ وَمَنَـٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡڪُلُونَ ).

ويؤكد سبحانه وتعالى على أهمية اللحوم وعلى زيادة قوتها الغذائية على الأغذية النباتية وذلك عندما ابتدأ بعض أحبار اليهود يتجهون إلى المذهب النباتي وقالوا : ( يَـٰمُوسَىٰ لَن نَّصۡبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ۬ وَٲحِدٍ۬ فَٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُخۡرِجۡ لَنَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۢ بَقۡلِهَا وَقِثَّآٮِٕهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِہَا وَبَصَلِهَا‌ۖ ).. أي من البقول والحنطة وغيرها من الأغذية النباتية فكان الرد عليهم :( قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِى هُوَ خَيۡرٌ‌ۚ )

وبرغم ذلك فإن الإسلام كدين وسط قد أمر بالاعتدال في أكل اللحوم وعدم الإكثار منها فعن عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله : إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر.. فمن المعروف أن الإكثار من اللحوم يزيد الإنسان حدة في الطبع وميلا إلى العنف .. كما أنه من الناحية الطبية يزيد نسبة الكوليسترول في الدم بسبب الدهن الحيواني فيعرض الإنسان للذبحة القلبية وتصلب الشرايين .


 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

60

متابعين

27

متابعهم

2

مقالات مشابة