في معية الله مع تفشير سورة البقرة ن آية ٤٠ : ٤٨
تفسير سورة البقرة من الآية ٤٠: ٤٨
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(40)
وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ۖ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ(41)
وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(42)
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ(43)
۞ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(44)
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ(45)
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(47)
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ(48)
وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ(49)
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ(50)
صدق الله العظي
الآية 40
دعوة من الله تعالى لبني إسرائيل أن يتذكروا نعمه التي أنعم بها عليهم وأن يوفوا بالعهد وهو أن يحافظوا على إيمان الفطرة والإيمان برسالة الرسول، فالله تعالى وعدهم أنهم إذا وفّوا بعهده فإن الله سيوفيهم بنصيحته لهم بأن ينالوا جنته ورحمته بوفاء عهده وهو جنة المؤمنين ورحمتهم، وإن لم يؤمنوا فعليهم أن يتقوا الله تعالى،
الآية 41
يأمرهم الله تعالى بالإيمان بالقرآن لأن القرآن يصدق ما كان عندهم من التوراة قبل أن يحرفوها، وحذرهم الله تعالى أن يكونوا أول من يكفر بهذا الكتاب وأن يؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم... ولأن الله تعالى لم يفاجئ أهل الكتاب بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم. بل علموا ذلك في الكتب السماوية لأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن من قومهم فأبى أن يؤمن برسالته خوفاً من سلطانهم ورغبة في متاع الدنيا الزائل، فاشتروا الدنيا بالآخرة أي تركوا الآخرة التي هي آيات الله وفيها طريق ينقذهم من عذاب الآخرة فاشتروا القليل الذي هو الدنيا الزائلة وتركوا الآخرة التي هي النعيم الأبدي فأمرهم الله بتقواه أن يفعلوا ما أمرهم به من الإيمان وترك الكفر.
الآية 42
لقد خلطوا الحق بالباطل... ويحاولون إخفاء الحقائق ليشتروا آيات الله بثمن زهيد... يريد الله تعالى أن يخبرنا أن اليهود حرفوا التوراة ووضعوا فيها أكاذيب لم يأمر بها الله وكتموا حقيقة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وفعلوا ذلك وهم يعلمون.
…………………….
الآية 43
يأمرهم الله تعالى بإقامة الصلاة
وإيتاء الزكاة، لأن المؤمن بإيمانه يتوجه إلى العمل النافع ويتسع المجتمع ليشمل الجميع، ويزول عنه البغضاء والحسد، وتطهر النفوس، لذلك يأمرهم الله تعالى بأداء الصلاة الصحيحة التي تتضمن الركوع، لأن صلاة اليهود لا تتضمن الركوع.
…….
الآية 44
يذكرنا الله تعالى أن اليهود يقولون ما لا يفعلون، لأنهم كانوا يبشرون بقدوم رسول جديد، وأعلنوا أنهم سيؤمنون برسالته. "وعرفوا صفاته من التوراة حين تلاوها، ولكنهم لم يؤمنوا، ولو كانوا يؤمنون بالتوراة حقاً لآمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كان لهم ذرة من عقل لآمنوا بما تلا عليهم الكتاب، خاصة أنهم وجدوا صفاته مطابقة لما ورد في التوراة، ولكنهم لا يفكرون بعقولهم، بل يريدون أن يرتقوا في الأرض.
…………………….
الآية 45
يأمر الله تعالى من آمن بالله ورسوله أن يستعين بالصبر... والصبر في الآية الكريمة فسره بعض العلماء بالصيام، والاستعانة بالصلاة في خشوع، لأن الصلاة صعبة إلا على من خشعت قلوبهم لله.
…………………………
الآية 46
والذين خشعوا لله وعلموا أنهم إلى الله راجعون، وهذا الخشوع يأتي من شعور اليقين، فيزداد خشوع المؤمن واطمئنانه بأنه راجع إلى الله.
…………………….. ……………
الآية 47
وإذا كان الله قد أنعم على بني إسرائيل بإرسال الرسل، فهذا لا يعني أنهم ينكرون نعمة الله عليهم من خلال الرسول الأخير، أي تذكروا أني ضمنت في كتابكم ما يثبت صدق محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته، وجعلت منكم أنبياء وقت نزول رسالة موسى، لكنهم نقضوا العهد، فاستحقوا العذاب، ولا تستمر النعمة بالكفر بها.
…………………..
الآية 48
{واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون}
حذر الله بني إسرائيل من يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا بإذن الله، وأمرهم في الآية أن يجعلوا أعمالهم الصالحة وقاية من عذاب ذلك اليوم، وأراد أن يذكرهم بنعمته عليهم.
الآية 48 والآية 123 من سورة البقرة، رد على ادعاءات بني إسرائيل، حيث زعموا أنهم أولياء الله وأحباؤه، وأن آباءهم أنبياء، وأن أجدادهم سيشفعون لهم عند الله يوم القيامة، وأنهم لن يدخلوا النار، وأنهم سيدخلون الجنة بغير عمل صالح. بدأت الآية بأمر من الله بالخوف منه والتحذير من عظمة يوم القيامة والاستعداد لذلك اليوم، ولابد من فعل الخير، وهو فعل كل ما أمر الله به من الخير واجتناب ما نهى الله عنه من الشر، وهذا هو التقوى، أي الوقاية من عذاب الله يوم القيامة، ففي ذلك اليوم لن تستطيع أن تطلب الشفاعة لنفسك، ولن تستطيع أن تحمي نفساً أخرى من العذاب إذا أراد الله أن يعذبها، لأن العذاب لن يأتي إلا بعد رحمة الله وحكمته وصبره وحلمه على الناس، وهم الذين ظلموا أنفسهم باختيار الكفر، لأن الله تعالى لا يأخذ ولا يقبل، ولا تنفعهم الشفاعة ولا العدل أي الفداء يومئذ. كل ذلك بإذن الله