🌸 قصة الفتاة التي أشرقت بعد الظلام🌸

🌸 قصة الفتاة التي أشرقت بعد الظلام🌸

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

قصة الفتاة التي أشرقت بعد الظلام

البداية: طفولة في الظلام

وُلدت ليان في أسرة بسيطة، لكنها لم تعرف يومًا طعم السعادة ولا دفء العائلة. كان والدها رجلًا أنانيًّا لا يرى في الحياة إلا نزواته ورغباته، يطارد الشهوات ويبحث عن المال بأي وسيلة محرمة، حتى اشتهر بين الناس بسوء السمعة. كانوا إذا ذكروا اسمه، أشاروا بأصابع الاتهام: "ذاك الرجل الذي أضاع نفسه وأهله."

كبرت ليان في بيتٍ مليءٍ بالصراخ، والخصام، والديون المتراكمة بسبب تبذير أبيها. لم تجد حضنًا آمنًا يحميها، بل عاشت تحت خوف دائم من فضائح والدها. كثيرًا ما كانت تعود من المدرسة برأس منكس، تخجل من كلام زملائها الذين يسخرون من أفعال أبيها.

كانت تسأل نفسها دائمًا: "لماذا كتب الله عليّ أن أعيش تحت ظلال هذا الرجل؟ هل سأظل أبد الدهر أسيرة لذنوبه؟"

ظلم المجتمع ونظرات الناس

لم تكن قسوة الأب وحدها تكفي، بل المجتمع بدوره صبّ الزيت على النار. كان الناس يحمّلون ليان وزر أفعال أبيها، فيعاملونها بنفور واحتقار، وكأنها شاركته ذنوبه. لم تُدعَ يومًا لحفلٍ مدرسي إلا وهمسوا: "إنها ابنة فلان، لا نريد المشاكل."

كانت لياليها طويلة، تبكي في صمت، ولا تجد من يسمعها. كلما حاولت أمها أن تخفف عنها، انفجر الأب غاضبًا، واتهمها بالضعف والعجز.

ومع مرور السنين، زاد ظلم الأب، فصار يجبر ابنته على ترك دراستها بحجة أن النساء لا حاجة لهن بالعلم، بينما كان هو يغرق في ملذاته، لا يهمه إلا إرضاء شهواته.

بزوغ شعاع الإيمان

في يومٍ من الأيام، وبينما كانت ليان تبكي وحدها في غرفتها، سمعت صوتًا من المذياع:

"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"

شعرت وكأن هذه الآية نزلت لأجلها. حملت المصحف من رفٍ عالٍ، فتحته، وبدأت تقرأ رغم ضعفها في التلاوة. شيئًا فشيئًا، صارت تجد في القرآن أنسًا لم تعرفه من قبل، وتبكي كلما قرأت قصص الصابرين.

ومنذ ذلك اليوم، قررت أن تجعل القرآن رفيقها، وأن لا تسمح لذنوب أبيها أن تطفئ نورها.

اختبار الصبر

اشتدّت معاناتها حين بدأ الأب يُجبرها على قبول زواج من رجل يكبرها بعشرين عامًا، لمجرد أنه وعده بمالٍ يقضي به ديونه. رفضت ليان بقوة، لكنها قوبلت بالضرب والتهديد.

وفي تلك الليلة العصيبة، رفعت يديها إلى السماء وقالت باكية:
"يا رب، لا تتركني فريسة لظلم أبي، أنت وليي وأنت حسبي، فارزقني فرجًا من عندك."

نامت وقلبها مثقل، لكنها استيقظت على خبرٍ غيّر حياتها: ذلك الرجل الذي كان والدها يخطط لتزويجها به، أُلقي القبض عليه بتهمة الفساد والرشوة. عندها فشلت خطط الأب، واضطر أن يتراجع.

أدركت ليان أن الله استجاب دعاءها، وأنه معها ما دامت متمسكة بالصبر والإيمان.

التحول والنهضة

رغم العراقيل، قررت أن تكمّل تعليمها من جديد. كانت تدرس خفية في البداية بمساعدة معلمتها التي رأت في عينيها شغفًا للعلم. وبعد سنوات من الجد والاجتهاد، حصلت على شهادة مميزة، فتحت لها أبواب العمل الشريف.

عملت ليان في مجال تعليم الأطفال القرآن، وكانت تقول لهم دائمًا:
"قد يخطئ آباؤكم أو أمهاتكم، لكنكم لستم نسخة عنهم، أنتم مسؤولون أمام الله عن أنفسكم."

كلماتها خرجت من قلبٍ ذاق مرارة الظلم، فدخلت قلوب الصغار والكبار.

النهاية المضيئة

ومع مرور الوقت، تغيّر حال ليان. صارت مثالًا للفتاة الصابرة المؤمنة، يقدّرها الناس ويحترمونها رغم أنهم كانوا يومًا يحتقرونها. أما والدها، فقد كبُر سنه، وبدأ يدفع ثمن نزواته وحيدًا، منبوذًا من الناس.

لكن ليان، رغم كل ما عانته منه، لم تقابله بالقسوة، بل قامت على خدمته في كبره، امتثالًا لقول الله تعالى:

"وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"

كان قلبها قد صفا بالإيمان، فعرفت أن الجزاء عند الله أعظم من أي انتقام.

وفي آخر أيامه، بكى الأب نادمًا، وقال لابنته:
"كنتُ سبب ظلامك، لكنك كنتِ نوري الأخير قبل موتي، سامحيني."

ابتسمت ليان والدموع في عينيها، وقالت:
"سامحتك منذ زمن، وأسأل الله أن يغفر لك كما غفر لي صبري."

رحل الأب تاركًا وراءه سمعة سيئة، لكن ابنته رفعت اسم العائلة بالعلم والإيمان. وصارت قصتها تُروى بين الناس: ابنة الرجل السيء السمعة التي صنعت لنفسها نورًا بالإيمان والصبر.


 العبرة من القصة

الإنسان لا يُحاسب بذنب والده أو والدته، وإنما يُحاسب على عمله.

الصبر والإيمان هما السبيل الوحيد للخروج من الظلام.

المجتمع قد يظلم، لكن الله لا يظلم أحدًا.

برّ الوالدين واجب حتى وإن كانوا سببًا في الشقاء، ما دام البر لا يقود لمعصية.

خاتمة 

الحياة قد تضعنا في امتحانات قاسية بسبب أخطاء غيرنا، لكن المؤمن يعلم أن الله لا يضيع أجر الصابرين. ليان اختارت طريق الإيمان بدل الاستسلام، فحوّل الله حزنها إلى عزّة، وذلّها إلى كرامة، وظلامها إلى نور.

image about 🌸 قصة الفتاة التي أشرقت بعد الظلام🌸
التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

17

متابعهم

8

متابعهم

4

مقالات مشابة
-