تفسير الآية ٢٣١ : ٢٣٣ من سورة البقرة

https://youtu.be/t7gPV8_N9M8?si=Fe3zO9nX7Wb5wKzR
https://youtu.be/7aE0t2Hz3I8?si=43IvxLbmorHLwFU1
https://youtu.be/nRfft2R0XCI?si=POLjFkqnUTzPNU6N
سورة البقرة آية ٢٣١ : ٢٣٣
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)}
۞۞۞۞۞۞۞
تفسير الآية ٢٣١ : ٢٣٣ من سورة البقرة
تفسير الآية 231 من سورة البقرة
إذا طلق الرجل زوجته وقاربت عدتها على الانتهاء وأراد أن يمتنع عن طلاقها، فربما وجد بينهما ما يلين قلب أحدهما للآخر، لأن العدة كافية لمن أراد أن يتخذ هذا القرار، إما التفريق أو العودة إلى الحياة الزوجية، فإذا قررا العودة إلى الحياة الزوجية وراجع الزوج قراره في الطلاق، فعليه أن يتبع حكم الله بأن يكون ذلك بالمعروف، أي لا يبقى في الحياة الزوجية لإيذاء المرأة وإذلالها، ومعنى الإيذاء أن تفعل شيئاً تريد به في الظاهر خيراً وباطناً تريد به شراً.
وكذلك الإيذاء في الزواج، يقول الرجل لا أريد أن أطلقها وسأعيدها إلى بيتها، يقول ذلك ويقصد إعادتها لِإذلالها والانتقام منها، والإسلام لا يقر ذلك، بل هو محرم. فلا تظن أنك حين تعتدي على زوجتك بعد رجوعها عنك قد ظلمتها، كلا، بل إنك تظلم نفسك؛ لأنك حين تعتدي على إنسان فقد جعلت ربه في صفه، فإذا دعا عليك استجاب الله دعاءه، وبهذا تحرم نفسك رضى الله عنك، فهل هناك ظلم أعظم من الظلم الذي يجلب عليك غضب الله؟ لا يجوز لأحد أن يستهزئ بما أنزل الله من كتاب وحكمة، لأن كل هذه الأحكام من الله الذي أنزلها في كتابه الكريم هي أنظمة تحفظ حياة الإنسان وكرامته، ذكراً كان أو أنثى. هذه الأحكام نعمة من الله يجب أن يتذكرها، والشكر على النعمة يعني تنفيذ أمر الله فيها. ومن النعم الأحكام التي تحفظ الإنسان مما كان عليه في الجاهلية، حيث كان الرجل يطلق زوجته ثم يراجعها، ثم يطلقها ويرجعها ولو ألف مرة بلا حسيب أو رقيب، وتحرم عليها الجماع شهوراً. فإذا مات زوج المرأة طُردت من المجتمع ولم تظهر ولم تخرج من بيتها وكأنها جرثومة، وقبل ذلك كانت عارا على أبيها يقتلها قبل بلوغها بحجة حماية شرفه وكرامته
ثم جاء الإسلام وحسم الأمور حتى لا تكون فوضى بلا ضوابط وقوانين، فاذكروا أيها المؤمنون نعمة الله عليكم بالإسلام، وانظروا إلى نظام الأسرة الذي أنعم عليكم به، كنتم أمة بلا حضارة وبِلا ثقافة، تعبدون الأصنام وتخُوضون الحروب وتشعِلونها بينَكم لأتفه الأسباب، و كنتم تجهلون القراءة والكتابة، فأنزل الله عليكم هذا التشريع المتقدم الراسخ، فاذكروا هذه النعمة التي أنتم فيها بفضل الله، واتقوا الله ولا تتهموا دينكم بأنه ينقصكم أي تشريع، فكل تشريع جاهز في الإسلام، لأن الله يعلم ما تكون عليه أحوال الناس. إن الله تعالى هو خالق الكون ومُنَزِّل التشريع.
تفسير الآية 232 من سورة البقرة
إذا طلقت المرأة وهي الطلقة الأولى أو الثانية ولم تنته العدة فقد أباح الله لزوجها الرجوع إليها بلا مهر ولا عقد ولا شرط آخر كأنهما تخاصما وتصالحا فإن الطلاق يحسب في عدد الطلقات أما إذا انقضت العدة فلا حق له في نكاحها إلا بولي وعقد ومهر ورضا منها وهنا يتدخل الأقارب فنجدهم يقفون حائلا أمام إتمام الزواج فقد يكون الزوجان قد انجذبا إلى بعضهما وقد تكون بينهما مشاعر عاطفية ونفسية لا يعلمها إلا الله عز وجل ولكن الأسرة التي دخلت في الخلاف تقف حائلا أمام عودة الأمور خوفا من تكرار ما حدث أو لأسباب أخرى ولأهل الزوجة الحق في الاطمئنان على الزوجة حتى لا تتكرر أسباب الطلاق. ويجب أن يطمئنا إلى أنهما عادا إلى رشدهما وأنهما سوف يعيشان معاً في خير ولكن في حدود الله وشرعه، وأن يحرص الولي على مصلحة الطرفين، وينصحِهما بالخير ولا يمنع الزوجين منه، ويجب أن تعلم الأسرة أن حكمة التشريع في جعل الطلاق مرة أو مرتين أن الله يعطِيهما فرصة مرة أو مرتين لإصلاح ما بينهما، فإذا كان الله العليم بنفوس الناس قد أباح لهما الطلاق مرة أو مرتين، وحذر الزوج من الطلاق الثالث لما فيه من الضرر، فالله هو الحكم العادل، ولا ينبغي لهم أن يتخذوا عهد الله وهو الزواج والطلاق وأحكام الله هزوا،
لذلك يجب على الأسرة أن تنصح الزوجين وتذكّرهما بأحكام الله حتى ينفذها. تلك شريعة ربكم وموعظة لكم يا أيها الذين آمنوا بالله رباً حكيماً مشرعاً خبيراً بما يصلح أنفس الناس وتخافون حساب الله يوم القيامة واعلموا أن الله يعلم أن مرجعهم أطهر لقلوبهم لأنه يعلم وأنتم لا تعلمون
تفسير الآية 233 من سورة البقرة
انظروا إلى عظمة الإسلام، فهنا يتحدث الله تعالى عن الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن بعد الطلاق، فالطَلاق يخلق الشقاق بين الرجل والمرأة، والله تعالى ينظر إلى الأمر بنظرة الرحمن العليم بعباده، يريد أن يحافظ على الثمرة التي نتجت عن الزواج قبل أن يقع الشقاق بين الأبوين، فيقول لنا: ولا تجعلوا شقَاقكم واختلَافكم وطَلاقكم فتنة على الرضيع البريء.
الآية تتحدث عن المطلقات اللاتي يرضعن أولادهن، وقد شرع الله تعالى حقوق الطفل على أمه، وهي أن ترضعه حولين كاملين، أي عامين كاملين. والمقصود أن أقصى مدة الرضاعة عامين لا أكثر. وإن أرادت إكمال الرضاعة فهي سنتان كاملتان محسوبتان بالشهر الهجري، ثم بين الله تعالى حق الولد على أبيه
وهو أن ينفق عليه أبوه ويلبسه بالمعروف أي حسب قدرته المالية وكما جرت العادة بين الناس.
ولا يجوز للمطلقة أن تكلف والد الولد ما لا يطيقه، وعليها أن تكتفي بالنفقة بالمعروف.
ولا يجوز له أن يضر أم الولد بمنعه من الإنفاق على ولده، ولا يتركها تطلب من الناس رزقه وكسوته، ولا يجوز لأم الولد أن تضر والده وتستغل الموقف وتطلب من الأب ما لا يطيقه أو تحرمه من رؤية الولد، فهذه الأحكام من رب رحيم كفل حق الولد لأنه لا ينعم بدفء الحياة بين الأب والأم.
ولقد شرع الله من رحمته حق الرضيع بحيث إذا مات الوالد الذي كان مسئولاً عن رعيته، شرع الله الحكيم أنه إذا مات الأب فإن مسئولية النفقة تقع على من يرث من والد الرضيع، صحيح أن الرضيع يرث من أبيه، ولكن حضانة اليتيم تقع على من يرث الولاية وكون له ولاية على المال الذي يرثه الرضيع، وبذلك ضمن الله تعالى حق الرضيع عند من ولد له وهو أبوه إذا كان حياً، وعند من يرث من الأب إذا مات.
ثم بينت الآية أن الأب والأم لابد أن يجتمعا للتشاور والاتفاق في الأمور المتعلقة بالأطفال، ويبدأ ذلك بالرضاعة، وقد بينت الآية أن أقصى مدة للرِضاعة سَنتان تحسب بالشهر الهجري، وهذا لمن أراد أن يكمل الرضاعة. ولعل الطفل يحتاج إلى هذا، فإذا وجداه سليماً، وإذا أرادا أن يَكتفيا بأقل من سنتين فلا بأس بذلك، ولكن بالتشاور بين الزوجين ودون المساس بصحة الطفل.
وإذا أرادا أن يَستقدما مرضعة لإرضاع الطفل وإطعامه، وخاصة إذا كانت صحة الأم لا تكفي لإرضاع الرضيع، فيجب على الولي أن يعطيها حقها، وهو أجرة الرضاعة بالمعروف،
وحذر الله من أن يأخذ حكماً من أحكامه ويدعي في الظاهر أنه يطبقه، ولكنه لا يبالي بروح هذه الأحكام، ومثال ذلك الأب الذي يريد أن يخدع المجتمع، فعندما يرى الأب مرضعة ابنه أمام الناس يدعي أنه ينفق عليها ويعطيها أجرها كاملاً ويعاملها بالدفء والإكرام، ولكن الواقع عكس ذلك.
وحذر الله من فعل هذا: إنكم لا تتعاملون مع المجتمع، بل مع الله، والله بصير بما تعملون