الصدق في الإسلام
الصدق في الإسلام
بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله و آله وصحبه ومن ولاه :
أما بعد:
- الصدق في القرآن والسنة :
تعريف الصدق:
الصدق هو موافقه القول الواقع والكذب هو مخالفة القول الواقع.
- الأدلة من القرآن على الحث على الصدق:
قال الله تعالى-:{ لَيْس اَلْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وجُوهَكُم قِبَلَ اَلَمَشٍْرِقِ وَاَلْمَغْرٍبٍ ولَكِنَّ اَلْبِِرَّ مَنْ ءَاَمَنَ بْاللهِ واَلْيَوْمِ اَلْأَخِرِ وَاَلَمَلاَئِكَة وَاَلْكِتَابِ وَالنّبِيِّينَ وَأَتَى اَلْمَالَ عضلَى حُبِّهْ ذَوِي اَلْقُرْبَى وَاَلْمَسَاكٍينَ وَابِنِ السَّبِيلِ وَِفِي الرٍّقَابِ وَأَقَامَ الصًّلاةَ وَأتَى الزَّكاةَ وَاَلْمُوْفونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهدُوا والصًّابٍرِينَ فِي اَلْبَأْسَآءِ وَالضَّرّاءِ وَحِينَ اَلْبَأسِ أُلَئكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُلَئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ}]البقرة:177].
وقال تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءََامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[ المائدة: 119].وقال تعالى-:{إِنَّ اَلْمُسْلِمِنَ وَاَلْمُسْلِمَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَاَلْمُؤْمِنَاتِ وَاَلْقَانِتِنَ وَاَلْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} الآية إلى قوله تعالى-:{أَعَدَّ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرَا عَظِمًا}[الأحزاب:35].
وقال تعالى-:{ليَجْزِيَ الصًّادِقِين بِصِدِقِهِمْ}[الأحزاب: 24].
- الأدلة من السنة على خلق الصدق :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إل الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًّا وإيَّاكم والكذب فإنَّ الكذبَ يهْدي إلى الفجور وأنَّ الفجورَ يهدِي إلى النارِ ولايَزالُ الرجلُ يكذِبَ حتَّى يبْعَثُ عنْدَ اللهِ كذَّبًا". متفق عليه. وعن الحسن بن علي رض الله عنه قا لحفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والصدق طمأنية الكذب ريبة". حديث حسن صحيح. وعن أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه في الحديث أنه قال : هرقل لأبي سفيان ماذا بأمركم قال: يأمرنا بالصلاة والصدق والعفة والصلة" .الحديث في البخاري.عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله عليه وسلم:"أي الناس أفضل؟ قال :" كل مؤمن صدوق اللسان مخموم القلب" قالوا: قد علمنا صدون اللسان فما مخموم القلب؟ قال:" هو التقي النقي إثم فيه ولا غل ولا حسد".
- فضيلة الصدق ورذيلة الكذب:
والصادق له من المهابة والحلاوة والمحبة عند الناس أما الكذاب فهو ممقوت عند الله وعند الناس .وعن قريب سينكشف أمره ويفتضح والكذب خلق قبيح جدا وهو يدل على الدناءة وعدم المروءة والوضاعة والخساسة والجبن والخور والصادق شجاع ونقي السريرة وخالص النية وهو من أخلاق الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كما كان خلق نبينا صلى الله عليه وسلم فقد كان يدعى قبل البعثة بالصادق الأمين.
وهو أيضا: من أخلاق أصحاب المروءات والفضائل والأدب والعلم وقد قيل في العلم وتحصيله وطلبه هذه الصنعة لا يرتفع فيها إلا صادق. كما قال بعض السلف: هذه الصنعة (يعني: طلب الحديث) لا يرتفع فيها إلا صادق". والله سبحانه وتعالى قد أمر بالصدق في الأقوال والأفعال وأخبر أن الصديق والصادقين هم الناجون يوم القيامة وأمرنا ان نكون معهم فالصديقية منزلة عالية تأتي بعد مرتبة النبوة
والصادق في قوله وفلعه هو الذي يؤخذ عنه العلم وهي العدالة ومن شروط أخذ الحديث عن الرجل الحفظ والأمانة ويدخل في الأمانة الصدق وسائر الأخلاق الحسنة وعلماء الحديث يقولون لو أن الرجل كان حافظا ضابطا لكنه لم يكن صادقا لا يُقْبَلُ حديثُه والكذب في الحديث عن النبي صلى الله صلى عليه وسلم أسوء أنواع الكذب كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر قال صلى الله عليه وسلم:" من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". متفق عليه.
بل من كان كذابا في حديث الناس لا يقبل أهل الحديث حديثه كما قال الإمام مالك رحمة الله عليه:" أربع لا يؤخذ عنه العلم : سفيه يعلن السفه ، صاحب بدعة يدع إلى هواه، ومن يكذب وإن كنت لا اتهمه بالكذب في حديث رسوا الله صلى الله عليه وسلم وصالح فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به". بل من اتهم بالكذب يصبح حديثه متروكا والكذاب حديثه موضوعا كما هو معلوم في علم مصطلح الحديث.
وهذه فضيلة الصدق فإن الصدق خلق وطبيعة تكن فطرية وتكون مكتسبة فمر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل لايزال يتحرى الصدق ويجاهد نفسه حتى يكتب عند الله صديقا وعكسه الذي يكذب ويتحرى الكذب يسوغه ويستمريه فيصير طبيعة حتى يكتب عند الله كذابا.
ورُوِيَ عن النبي صلى الله عليه قال:" أيكون المؤمن جبانا؟ قال :"نعم" قال أيكون بخيلا ؟ قال :"نعم" قالوا أيكون كذابا قال:" لا".
والكذب من علامات النفاق كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب و،إذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" وفي رواية : "أربع خصال من كن فيها كان منافقا خاصا ومن كانت فيه خصلة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف وإذا اتن خان ، وإذ اخاصم فجر".
وهذه رذائل تأتي بأخواتها فالكذب يجر إلى عدم الوفاء بالوعد وإخلافه ثم يجر إلى أخواتها من خيانة الأمانة والفجور في الخصومة فالكذب خلق سافل ودنيء وأصل كل رذيلة.
- من كان صادقا في قوله كان أصدق الناس رؤيا:
من أراد ان تصدق رؤياه فليصدق في قوله وفعله وليتقي الله عز وجل ومن تقوى الله عز وجل ترك الكذب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا". فصدق الحديث والمداومة عليه في اليوم وفي الليل والنهار سبب لإكرام الله سبحانه لعبده الصادق بالرؤيا الصالحة المبشرة التي تنفعه في دنياه وآخرته وتكون تبشيرا له وتثبيتا وإكراما، وتحذيرا من شر.
- الكذب ممقوت ويأنف منه حتى الكفار:
وأيضا :كفار قريش كانوا يأنفون من الكذب حتى على النبي صلى الله عليه وسلم وهم في حالة عداوته صلى الله عليه وسلم كما حدث لأبي سفيان بن حرب رضي الله عنه كان كافرًا لما ذهب إلى هرقل في الشام وقال.لولا ان يأثروا علي الكذب لكذبت عليه والقصة في البخاري. . والكذب من خوارم المروءة ومن أخلاق الرذيلة بل هو أحط خلق رذيل.
- لا ينبغي الكذب حتى ولو مازحا:
فالواجب اجتناب هذا الخلق المنحط الخسيس والتحلي بالصدق في اللهجة دائما حتى في المزح واللعب وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حَسُنَ خُلُقُه". حديث حسن.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمازح ولا يقل إلا حقا وفيل له :صلى الله عليه وسلم إنك تمازحنا فقال :"وإن كنت أمازحكم فلا أقول إلا حقًّا" وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان صلى الله عليه وسلم أبغض خلق إليه الكذب وكان إذا سمع من أحد كذبة لا يزال ي نفسه منه حتى يعلم أنه أحدث منها توبة. والصدق من خلق الإسلام الذي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم. كما مر في حديث أبي سفيان رضي الله عنه أن هرقل قال: بماذا يأمركم قال يأمرنا بالصدق والعفاف والصلة .والتحلي والاتصاف به واجب على كل مسلم ومسلمة. وبالله التوفيق.
- الصدق ينجي من البلايا والكرب والمصائب:
وجاء في البخاري أن خديجة ام المؤمنين رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه جبريل عليه السلام فخشي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك جنونًا أو مسٌّ من الجن فقالت له رضي الله عنها: و الله لا يخزيك الله أبدأ: إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتصدق الحديث وتعين على نوائب الحق". وقيل : إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى".
وقال بعض السلف :" إن الصادق يصدقه عدوه بكذبه وأن الكاذب يرد قوله صديقه".
والصادق عليه المهابة والملاحة والهيبة حتى أنه من رآه أحبه وهابه وأحب الجلوس معه واطمئن له واستراح له وهذا نتيجة الصدق في قوله وأمانه وهذا خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان كفار قريش يضعون عنده الودائع لعلمهم بصدقه وأمانته وكان يلقب بالصادق الأمين وهذا لصدقه في قوله وفلعه ولم يرى منه الكذب صلوات الله وسلامه عليه.
- يجب تربية الصغير على الصدق:
يجب على الآباء تربية أولادهم على الصدق فإن هذا ما جاء به الإسلام فالصدق خلق عظيم ويُحَذِّرُوا الصبيَّ من الكذب غاية الحذر لأن الصغار فيهم الكذب كثيرا لأنهم يحبون اللعب والضحك على أقرانهم وتصبح هذه السجية فيهم حتى الكبر وهذا يجب الحذر منه وكان عبد الملك بن مروان يقول للمعلم : ربيهم على الصدق قبل القرآن فإن في الكذب كذا وكذا . يعني ربما يقتل على الكذب - والعياذ بالله تعالى.-
تقدم حديث الحسن بن علي رضي الله عنه فيه:" الصدق طمأنينة الكذب ريبة". وهو رضي الله عنه حفظ هذا الحديث وكان صغيرا. فالتربية في الصغر على الصدق حتى يتعود عليها الطفل حتى تكون له خلقا وطبعا . وانظر ايضا:تعريف الصدق وفضله- للشيخ بن عثيمين - مشروع كبار العلماء وانظر ايضا:☆الطاعة العظيمة ☆ 《بر الولدين》
والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.