الدعاء وآدابه وأحكامه
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه :
أما بعد :
- الأدلة من الكتاب والسنة على فضل الدعاء:
قال الله تعالى-:{وقال ربكم أدعوني استجب لكم}[غافر:٦٠ ]. وقال تعال -:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }[البقرة:١٨٦].
وقال تعالى -:{ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يجب المعتدين (٥٥)ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين }[اﻷعراف:٥٦،٥٥].
وقال صلى الله عليه وسلم :"الدعاء هو العبادة ". وهو صحيح أما لفظ :" الدعاء مخ العبادة " فضعيف اللفظ الصحيح هو :"الدعاء هو العبادة".
وقال صلى الله عليه وسلم :"ليس أكرم على الله من الدعاء ".
قال صلى الله عليه وسلم :"لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر".
- دعاء الله عز ووجل من تحقيق التوحيد:
فالدعاء من أجل العبادات والقربات التي يحبها الله سبحانه وتعالى من العبد وهو العبادة ومن تحقيق التوحيد ولا بجوز أن يصرف لغير الله سبحانه سواء الأولياء أوالصالحين وأصحاب القبور واﻷضرحة لكن من فعل ذلك فقد أشرك بالله تعالى وصرف خالص حق الله تعالى لما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وحياة ولا نشورا فكيف يصرف للعبد الفقير العاجز الفقير الحقير الذليل الذي لا يملك لنفسه شيئا هذه العبادة الجليلة سبحان الله هذا والله هو السفه والحمق والبلاهة
نعم والمشركون حمقى حقيقة. والله المستعان، وبالله التوفيق.
- دعاء غير الله عز وجل شرك أكبر:
- لهذا يجب على المسلمين الذين يزورون اﻷضرحة وقبور الصالحين أن يتنبهوا لهذا فإن دعوة غير الله تعالى من الشرك اﻷكبر الذي لا يغفر ويوجب صاحبه الخلود في النار وبئس القرار.
وأيضا: وزيارة قبور الصالحين واﻷولياء بنية دعاءهم والتقرب إليهم لا يجوز وهو محرم و أيضا: لا ينبغي زيارة قبور الصالحين واﻷولياء لضعاف الإيمان والعقول بل لا يجوز سدا للذريعة .
وذلك ﻷن غالب العامة لا يقصدون بهذه الزيارة الزيارة الشرعية من الدعاء الميت والاستغفار له ثم بعد ذلك للانصراف إنما يقصدون قصد الميت بالدعاء وطلب منه المدد والحاجات وكشف الكربات وإغاثة اللهفات وهذا هو الشرك اﻷكبر بعينه .
أعود للكلام على الدعاء وأنه من أفضل العبادات وأحب أنواع العبادات لله سبحانه وتعالى كما مر في الحديث سابقا .
- الآداب التي تنبغي في دعاء الله عز وجل:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :"من لم يسأل الله يغضب عليه ". وهو صحيح .
- فينبغي للعبد أن يكثر من الدعاء والتضرع لله سبحانه و تعالى ويسأل من خير الدين والدنيا فإن الله كريم واسع لا يتعاظمه شيئا أعطاه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا سأل أحدكم ربه فليكثر فإن الله لا يتعاظمه شيئا أعطاه".قالوا يا رسول الله إذا نكثر قال صلى الله عليه وسلم :"الله أكثر".
وهناك مسألة وهي:قد يدعو العبد ولا يستجاب له فيقول قد دعوت ولم يستجب لي وربما يحدث في نفسه فيقول أن الله أمر عباده بالدعاء ووعدهم باﻹيجابة فكيف ذلك .
- الجواب لمن يدعو الله عز وجل ولم يرى آثار الإيجابة:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم :"يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل قالوا :ما الاستعجال قال :" يقول قد دعوت ودعوت فلم أرى يستجب لي فعند ذلك يستحسر ويدع الدعاء" .ومعنى: يستحسر و يمل ويترك الدعاء.
وقال صلى الله عليه وسلم:"ما من عبد يدعو بدعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى الثلاث :إما أن يعجل له مسألته وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها وإما أن يدخرها له في اﻵخرة".
- المؤمن يدعو الله عز وجل دائما:
- فينبغي لمن دعا الله سبحانه وتعالى أن لا يستعجل ويترك الدعاء بل عليه أن يدعو الله سبحانه ويتضرع له في كل وقت وإذا لم يرى اﻹجابة فلا ييأس ويترك الدعاء فربما كانت المصلحة في تأخير اﻹيجابة بل ربما كانت المصلحة العظمى في عدم اﻹجابة كما:" كان بعص السلف يسأل الله تعالى الغزو فإن يستجب له ". فمرة يدعو هتف به هاتف:" أنك إذا غزوت أسرت وإذا أسرت تنصرت".
أوقات يستجاب فيها الدعاء فمن ذلك:
أولا :الثلث الليل اﻵخر :
وذلك وقت للنزول اﻹلهي، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"ينزل ربنا كل ليلة حين يبقى الثلث الليل اﻵخر فيقول : هل من داعي فأستجيب له هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له وفي رواية "هل من تائب فأتوب عليه" "متفق عليه .وقد سئل: رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له أي الدعاء أسمع قال :"جوف الليل اﻵخر".
- ثانيا:ما بين اﻵذان واﻹقامة:
كما قال النبي صلى إلى عليه وسلم :"الدعاء بين اﻵذان واﻹقامة لا يرد".وهو صحيح.
- ثالثا:آخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة:
كما جاء أيضا :عن النبي صلى الله عليه وسلم :"يوم الجمعة أثنتي عشر ساعة فيها ساعة لا يسأل عبد مسلم حاجة من أمر الدنيا واﻷخرة إلا أعطاه الله إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر".وفي لفظ:"هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس ".
- رابعا:أثناء السجود :
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"أقرب ما يكون العبد إلى ربه عز وجل وهو ساجد فأكثروا الدعاء فقمت أن يستجاب لكم ".ومعنى:فقمن أي :جدير وأحق أن يستجاب لكم.
وأيضا:عند نزول الأمطار وعند شرب ماء زمزم ،فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"ماء زمزم لما شرب له". وينبغي للعبد أن يكثر الدعاء ولا بنا فهو بذلك في عبادة حتى ولو لم يستجب له فهو مأجور وفي خير عظيم وأجر جسيم وذلك ﻷنه حقق التوحيد وأفرد الله عز وجل بالعبادة التي خلق اﻹنس والجن لهذه الحكمة العظيمة.-:{وقال ربكم أدعوني أستجب.}[غافر:٦٠ ].
- أسباب منع إجابة الدعاء.
- هناك أسباب تمنع من إيجابة الدعاء ،وهي كالتالي:
- اﻷمر اﻷول:أكل الحرام:
كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :"إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى -:{أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم }[المؤمنون:٥١ ].وقال تعالى -:{يأيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم"ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومش له حرام وادي بالحرام فأنى يستجاب له "وفي رواية"فأنى يستجاب لذلك".رواه مسلم.
- اﻷمر الثاني:أكل الشبهة :
كما جاء في حديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس لكن اتقى الشبهات فقد استبرء بدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيها ألا وإن لكل ملك حمى وأن حمى الله محارمه".متفق عليه.
- الأمر الثالث:ارتكاب الذنوب والمعاصي :
فإن الذنوب وخاصة الكبائر تمنع من استجابة الدعاء كما ذكر ذلك العلماء.
- اﻷمر الرابع :ترك اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
في قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن ينزل عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".وهو صحيح .
- اﻷمر الخامس :الاعتداء في الدعاء :
والله سبحانه لا يحب المعتدين في الدعاء وغيره ،قال الله تعالى-:{ادع ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين }[اﻷعراف:٥٥ ].ومن صور الاعتداء في الدعاء كأن يدعو منازل اﻷنبباء أو أن يجعله الله سبحانه معصوما أو يجعله ملكا أو يجعله نبيا وغير ذلك من اﻷمور التي لا يفعلها الله سبحانه وتعالى للعبد والله لا يحب المعتدين في الدعاء وغيره .والله المستعان وبالله التوفيق .
وصلى إلا على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . واستمع أيضًا:شروطُ الدعاءِ وآدابُهُ لابن القيِّم | وشرحها للشيخ عبد الرزاق البدر وانظر أيضًا:الآذان وأحكامه وآدابه
والحمد لله بمنه أكرمه .
وكتبه
أبو عبد الله صابر ترزي العنابي الجزائري.