التسبيح من أحب الكلام الى الله
خطبــة جمعــة بعنــوان
التسبيح
أمّا بعد احبتي الكــرام
نقف اليوم مع عملٍ أعمال اللسان، ومع عبادةٍ من العبادات الجليلة، وطاعةٌ من الطاعات العظيمة..
إنّه ( التســـبيح ) يا كـرام ..!
وما اكثر تقصيرنا في هذة العبادة العظيمة ؟!
وما اكثر تلك الاوقات التى نقضيها بلا تسبيحٍ للملكِ جل في علاه ..!
وما اكثر تلك الساعات التى تمر على الكثير منا بلا تسبيحٍ لله ..
وما اكثر تلك الايام التى التى تمضي على الأغلب منا بلا تسبيحٍ لله ..
بل ما اكثر تلك السنون التى انصرمت على العامةِ منّا ولم يسبح فيها لله الواحد القهار ..
وكلها ستنقلب على العبد حسرةً وألماً وحزناً وندامةً يوم القيامة وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : "ما من ساعةٍ تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا تحّسرَ عليها يوم القيامة ".
احبتي الكــرام
التسبيح هو الثناءُ الكامل على الله مع رغبةٍ ورهبة.
ويُعرّفُه العلامة المفسر الشنقيطي رحمة الله في تفسيره :
" بأنّه تنزيهُ اللهِ عن كلِّ ما لا يليق بكماله وجلاله "
ورد ذكرُ التسبيح في القرآن أكثر من ثمانين مرة بصيغٍ مختلفة، وأساليب متنوعة :
بصيغةِ الأمر، وصيغةِ الماضي ..
وصيغةِ المضارع، وصيغةِ المصدر ..
كما أورد الله سبحانه التسبيح في مفتتح ثماني سور من القرآن الكريم :
( في سورة الحديد وسورة الحشر وسورة الصف وسورة الجمعة وسورة التغابن وسورة الإسراء.. وسورة الأعلى ).
أمّا رسولنا وحبيبنا ومعلم البشرية عليه الصلاة والسلام وهو الذي غفر الله له من ذنبه ماتقدم وماتأخر يدعوه ربه سبحـــانه ان يكون له من المسبحـــين فيقــــول له :
( سَبِّـــحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) الأعلى - 1 -
ويقول له :
( فَسَبِّــحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم ) الواقعه 96 -
وفي سورة التوديع :
( فَسَبِّـــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) النصر-3 -
وفي سورة الحِجر يقول له :
( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ )الحجر 98
ويقول له :
(وَسَبِّــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) غافر -55-
ويقول له :
( وَسَبِّـــحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) الفرقان. 58
ويقول له :
(وَسَبِّـــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ• وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْــهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ )
ق 39 - 40
وفي سورة اخرى :
( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْــهُ لَيْلا طَوِيلا ) الانسان -26 -
وكما جاء عند الإمام مسلم رحمة الله من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثرُ من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه".
وذكر ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يسبح في كلِّ يومٍ اثنتي عشرةَ ألف تسبيحة ويقول : ( أسبحُ بقدر ذنبي ) .
والتسبيح يا كرام هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع نبي الله داوود عليه السلام..
( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْــنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) الانبياء -79-
ولمّا خرج زكريا عليه السلام من محرابه دعا قومه للتسبيح :
( فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُـــوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) مريم (11)
وهذا نبيُّ الله موسى عليه السلام يدعو ربه ان يجعل معه اخاه هارون وزيراً ليعينه على التسبيح فقال :
﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي •
• اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي • كَيْ نُسَبِّـحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ﴾ [طه 29: 33 ]
والتسبيح ذكرُ اهل الجنّة :
( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )يونس 10
والتسبيح هو ذكرُ الملائكة :
(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُــونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الشورى5
ويقول سبحانه عن تسبيح ملائكة العرش :
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا )غافر7-
ولذلـــكم إنّنا نعيش في عـــالمٍ يضــجُ بالتسبيح
لكننا احياناً لا نلتفت ولانبالي ولا نهتم او لا نفقهُ ذلك : ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)الرعد13
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّــحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَــهُ .)النور
( تُسَبِّــحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّــحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيـحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) الاسراء 44-
فـكلُّ ذرَّةٍ في هذا الكــون يا كــرام تُوحِّدُ اللهَ وتُسَبِّحُهُ ، فالسَّماءُ على عَظَمَتِها، والأرضُ على سَعَتِها، كُلُّها مُطيعةٌ للهِ مُمتثلةٌ لأَمرِ الله مُسَبِّحَةٌ بحمدالله..
كُلُّ ما في الكونِ من حَيَوانٍ نَاطِقٍ وغيرِ نَاطقٍ ومِن أَشجَارٍ ونَبَاتٍ جَامِدٍ وغيرِ جَامِدٍ وَحَيٍّ وَمَيِّتٍ إِلاَّ ويُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللهِ بِلسانِ الحَالِ ولِسَانِ المَقَالَ,على غَيرِ لُغَتِنا المَعهُودَةِ لَنا يُحيطُ بِها علاَّمُ الغُيُوبِ ..
النجومُ تسبح، والكواكبُ تسبح، والأفلاكُ تسبح وكذا الشمس، والقمر، والحصى، والحجر والشجر، والحيتان في قاع البحار، والنباتات والأنهار كلها كلها مسبحةٌ لله ... ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّــحُ بِحَمْدِهِ )
فـإذا كــان هـذا الكــون كله بمن فيه مسبحٌ لله
فأين موقعي وايّن موقعك من هذا الكون المسبح؟؟
ايـنّ مــكاني ومــكانك ؟؟
كم هو رصيدي ورصيدك اليومي من التسبيح لله؟؟
ألسنا الاولى من هذه المخلوقات بتسبيحِ الله !
ألسنا الأحرى من هذه الكائنات بالتسبيحِ له سبحانه وتعالى .!
حتى النَّملُ الصًّغير يامؤمنونَ يُقدِّسُ اللهَ تعالى ويُسَبِّحُهُ، قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ في المتفق عليه
« قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ,فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ ؟! ».
بل إنَّ هُناكَ جماداتٌ تُسَبِّحُ اللهَ وتحبُّ رسُولَ اللهِ، وتُسلِّمُ عَليهِ.. قَالَ عليه الصلاة والسلام كما روى ذلك مسلم : « إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَليَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ ».
وهذه الأحجارُ والأشجَارُ التي نراها تَفرحُ بِطاعَتِنا لله وتَكرهُ معصِيَتِنا لهُ !!
قَالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كما روى ذلك التِّرمِذِيُّ. وصَحَّحَهُ الألبانِيُّ « مَا مِن مُسلمٍ يُلبِّي أي : في الحجِّ أو العُمرةِ إلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أو عَن شِمالِهِ مِنْ حَجَرٍ أو شَجَرٍ أو مَدَرٍ أي : طِينٍ ..
قال : حتى تَنْقَطِعَ الأَرضُ مِنْ هَا هُنا وهَا هُنا ».
والسَّمَاءُ والأَرضُ تَبكِيانِ حُزْنًا على فِراقِ المُؤمِنِ،
قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنه :
( إذا فقدَ المُؤمنُ مُصلاَّهُ مِن الأَرضِ التي كانَ يُصلِّي فِيها ويَذْكُرُ اللهَ فِيها بَكَت عليهِ السَّماءُ والأَرضُ ).
وبالعكس من هذا تفرح السماء والارض برحيل العصاة ويستريح العباد والشجر والدواب بموت الفاجر ففي الحديث المتفق على صِحَّتِهِ قالَ :
« وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ».
يؤيد ذلك ما اخبرنا الله سبحانه عن قَومُ فِرعونَ :
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ).
فيا عبــادَ اللهِ :
عَظِّموا اللهَ بِقُلُوبكم ..! عَظِّمَوا اللّهَ بألسِنَتِكم ..!
عَظِّمّوا اللّهَ بجوارِحكُم ..! عَظِّموه بكل شيءٍ فيكم وقدرُوهُ حقَّ قَدرِهِ ..!
ولا تَكُنْ تِلكَ الجماداتُ والنَّباتاتُ والحيوانَاتُ أعقلُ مِنَّا وأكثَرَ خَشيَةً وتَعظِيماً !!
أَنتَ إِلهُ الخَلْقِ رَبِّي وَخَالِقِي ...
بِذَلِكَ مَا عُمِّرتُ في النَّاسِ أَشهدُ
تَعالَيتَ رَبَّ النَّاسِ عن قَولِ مَن دَعَا ...
سِواكَ إِلهاً أنْتَ أَعلى وأَمجَدُ
لَكَ الخَلْقُ والنَّعمَاءُ والأمرُ كُلُّه ...
فَإيِّاكَ نَستَهدِي وإيِّاكَ نَعبدُ
( وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ
لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ •
يُسَبِّـــحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ-)الانبياء.19/20-
بــــارك الله لــــي ولكـــم بالقـــــــران العظيـــم ونفعنــي وإيــاكــم بمــا فيه مـن الآيـــات والـذكـــر الحكـــيم وأقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مــــن كل ذنـب فيـــا فــــــوز المستغفـــريـــن
الخطبــــة الثانيــــة :
أمــا بعـــــد
التَّسبِيحُ رَاحة قُلوبِ الأخيارِ، وطريقُ سَعادةِ الدنيا ودارِ القَرارِ..
وللتسبيح ثمارٌ وفوائدٌ مهمه يجنبها كلُّ مسبح
في عاجلِ الأمر وآجله ومن أهمِّ هذه الفوائد والثمار :
- ( حصول المسبح على الرضا النفسي )
وما اسماها من غاية، وما اعلاها من كرامه .
وما أكرمها من منزلة .. رضا في الدنيا والآخرة
يقول الله سبحانه وتعالى :
( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى- ). طه. 130
فهل تريد الرضى النفسي ؟ تريد ان يرضيك الله؟
طبق هذه الآية بحذافيرها بتسبيحك في الليل والنهار وقبل طلوع الشمس وقبل غروبها وفي اخر الليل وفي اول النهار..
- ومن فوائد وثمار التسبيح انّه :
( خيرٌ من الدنيا وما فيها )
خيرٌ من عقارات الدنيا وأموالها وذهبها وفضها ولؤلؤها وزبرجدها وياقوتها ومرجانها ..
والثواب المترتب على التسبيح أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا..
كما اخبر بذلك الحبيب في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لأن أقول : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس"
- ومن فوائد وثمار التسبيح أنّه :
( علاجٌ للصدورِ وترياقٌ للأنفسِ والقلوب )
علاج للقلق، علاجّ للوساوس، عــلاجٌ للهـذيـان
عـــلاجٌ للهموم، عـــلاجٌ للأحزان، عــلاجٌ للأوجاع والآلام، عـــلاجٌ لضيق الصدر ..
قال سبحانه وتعالى :
( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ..
وهذا الضيق يحتاج لبلسم شافي وترياق كافي
وعلاج وافي وهو :
( فَسَبِّـــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ )
الحجر 96 - 97
- ومن فوائد وثمار التسبيح انّه :
( وسيلةٌ لكسبِ الحسنات وحطِّ الخطايا وَإِنْ كَثُرت) ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال سبحان الله وبحمده في يومٍ مائةَ مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحر ))..
وفي الحديث الاخر لأبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحدٌ يومَ القيامة بأفضل ممّا جاءَ به إلا أحدٌ قال مثل ما قال أو زاد عليه ))
وفي الحديث الذي حسنه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قال : سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ؛ كان أفضل من مئة بَدَنة )).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ((أيَعجزُ أحدكم أن يكسبَ كلَّ يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة !؟
قال : يسبح مائةَ تسبيحة فيُكتبُ له ألفُ حسنة
أو يُحطّ عنه ألف خطيئة ))...
وفي الحديث الذي صححه الألباني قال صلى الله عليه وسلم : (( من هاله الليل أن يكابده ، أو بخلَ بالمالِ أن ينفقه، أو جبن عن العدو أن يقاتله، فليُكثر من (سبحان الله وبحمده) ؛ فإنها أحبُّ إلى الله من جبلِ ذهبٍ ينفقه في سبيل الله عزوجل )) ..
فمن رحمة الله تبارك وتعالى بعباده أن جازاهم على العملِ القليل الثواب العظيم, ويجازي على الحسنة بخيرٍ منها وذلك بمضاعفتها إلى أضعاف كثيرة قال الله :{ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [القصص: 84].
- ومن فوائد وفضائل وثمار التسبيح :
( إستجابة الله لدعاءِ المسبح )
فالمسبح لأن لسانه تلهج بالله وذكره في كل أحواله وفي اغلب أوقاته فهو قريب من الله ولهذا دعوته لاترد ..
فهذا الشيخ الجليل والإمام المحدث أحمد بن حنبل، يسافر في يوم من الايام فمرَّ بمسجدٍ ليصلي فيه ولم يكن يعرف احداً في تلك المنطقة ولا يعرفه احد ..
ولما حان وقت النوم، إفترش الشيخ أحمد بن حنبل مكانه في المسجد واستلقى فيه لينام، وبعد لحظات إذا بحارسِ المسجد يطلب من الشيخ ابن حنبل عدم النوم في المسجد، وطلب منه الخروج فوراً، وكان هذا الحارس لا يعرف الشيخ احمد ..
فقال الشيخ احمد بن حنبل لا أعرف لي مكان أنام فيه، ولذلك أردت النوم هنا حتى الصباح فقط فرفض الحارس أن ينام الشيخ وبعد تجاذب أطراف الحديث قام الحارس بجرِّ الشيخ احمد إلى الخارج جراً والشيخ متعجب ..
وعند وصولهم لخارج المسجد إذا بأحدِ الاشخاص يمر بهم والحارس يجر الشيخ فسأل ما بكم !؟
فقال الشيخ أحمد : لا أجد مكانًا أنام فيه وهذا الحارس يرفض أن أنام في المسجد .!!
فقال الرجل : تعال معي للبيت لتنام هناك ..
فذهب الشيخ أحمد معه، وهناك تفاجأ الشيخ بكثرة تسبيح هذا الرجل، وكان يعمل خبازاً وهو يعد العجين ويعمل في المنزل ..
كان يكثر من التسبيح فأحس الشيخ بأن أمر هذا الرجل عظيم من كثرةِ تسبيحه ..
فنام الشيخ وفي الصباح سأل الشيخ احمد بن حنبل الخباز سؤالاً وقال له :
أراك كثيرَ التسبيح فهل رأيت أثر التسبيح عليك ؟؟
فقال الخباز : نعم !!
ووالله إنّي كلما دعوتُ الله بدعاءٍ إلا إستجاب لي،
إلاّ دعاءاً واحدًا لم يستجب لي أبداً حتى الآن، فقال الشيخ احمد بن حنبل وما ذاك الدعاء ؟
فقال الخباز : أن أرى الإمام أحمد بن حنبل .
فقال الشيخ احمد بن حنبل :
أنا الإمام أحمد بن حنبل فوالله إنني كنتُ أُجرُّ إليك جراً، وهاقد أستجيبت دعواتك كلها ..
فسبحانَ الله جلَّ العزُ
منك على الدوامْ
سبحانك اللهم فرداً
جلّ عن وصفِ الكلامْ
سبحانك اللهم ربي
دبرّتّ الوجودَ ولا تنامْ
سبحانك اللهم رباً
والعبيدُ لك قيامْ
سبحان اللهم تعلو
ولا يُعلى عليك ولا تُضامْ
وهنا سؤالٌ اخيرٌ يبرز لنا في نهاية خطبتنا :
هل يُفيدُ التسبيح في شيءٍ آخر غير الرضا النفسي، وعلاج الصدور ، وزيادةِ الحسنات
وحطِّ الخطايا، وثقلُ الميزان واستجابه الدعاء ؟؟؟
نعـــم احبتي الكــــرام
هناك شيءٌ اخر اكبر وأجل وأعظم ...
فمن اعظمِ واجّل ما يكسبه ويجنيه الانسان المسبح ( انّ الله يردُّ عن المسبحِ القدر ) ..!
وهذا ما اخبرنا عنه القران الكريم عن نبي الله يونس عليه السلام الذي إلتقمة الحوت ...
فقال الله عنه :
( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ ....! من ماذا ..؟!
( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِـــينَ ..)
ماذا كان يقول في تسبيحه ؟!!
اسمعوا ماذا قال تعالى عن تسبيحه :
( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَــانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الانبياء 87
فرد الله القدر عنه وقال :
( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِــينَ • لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (143) (144) يونس
فاذا ما حلت بك نائبةٌ فكن من المسبحين ..!
واذا ما نزلت بك مصيبة فكن من المسبحين ..!
واذا ما لزمك الغم والكرب فكن من المسبحين .!
واذا ما داهمتك الشدائد والمحن فكن من المسبحين .!
واذا ارّقك الدّين فكن من المسبحين .!
واذا تكالب عليك الاعداء والأشرار فكن من المسبحين ..!
واذا هجرك الأقربون وتخلى عنك الاصدقاء
وغدر بك الرفقاء فكن من المسبحين ..!
في الليل سبح، في النهار سبح ..
في الدخول سبح، في الخروج سبح ..
في اليسر سبح، في العسر سبح ..
في طريقك سبح .. عند العمل سبح، عند الفراغ سبح ..عند نومك سبح .. وعند استيقاظك سبح ..
وانت تقود السيارة سبح، وانت تنتظر سبح ..
سبح ثمّ سبح ثمّ سبح ولن يضيعك الله ولن يتخلى عنك ابداً .
اللهم اجعلنا ممن يسبحونك كثيراً ويذكرونك كثيراً بكرة وأصيلاً يا رب العالمين ويا ارحم الراحمين ..
اللهم اجعل ألسنتنا عامرةً بذكرك وقلوبنا بخشيتك
ارزقنا ياربِ لساناً ذكراً وقلباً خاشعاً وعيناً دامعاً ورزقاً واسعاً وعملاً متقبلاً وجسداً على البلاء صابراً وتوبةً قبل الموت ورأفةً عند الموت ومغفرةً ورحمةً بعد الموت يا كريم يا منان ..
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....