
ملخص تفسير آيات سورة البقرة من ٤٩ : ٦٤

آيات سورة البقرة
من آية ٤٩ : ٦٤
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ( 58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩) وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ( ٦٠) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(٦١) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٦٢﴾ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٦٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٦٤)}
ملخص تفسير آيات سورة البقرة من ٤٩ : ٦٤
آية ٤٩
{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ(٤٩) }
يذكرهم الله تعالى أنه نجّاهم وهم يعذبون من آل فرعون الذين كانوا يعذبونهم بأنواع العذاب كالجلد والسخرة والعمل القسري فكانوا يذبحون الأطفال ويستحيون النساء وكان ذلك بلاءً شديداً عليهم.
آية ٥٠
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (٥٠)}
يقول الله تعالى: {وإذ فرقنا بكم البحر}. الفرق هو الفصل بين شيئين …. فأوحى الله إلى موسى أن يضرب بعصاه الحواجز فانفتحت الحواجز ورأى كل منهما الآخر. ولما رأى موسى عليه السلام فرعون وجيشه متجهين إلى البحر للعبور للإلحاق بقوم موسى، ضرب البحر مرة ثانية بأمر الله حتى يعود إلى جريانه فلا يدركهم قوم فرعون، فلما بلغ أولهم الشاطئ وآخرهم الشاطئ الآخر رجع الماء إلى مجراه، فغرقوا {وأنتم تنظرون} أراد أن يرى بنو إسرا٠ئيل قوم فرعون يغرقون، ليطمئنوا ويفرحوا بموت عدوهم وهم يغرقون دون أن ينجو منهم أحد، حتى لا يدخل الشك في قلوبكم، لعل بعضهم ينجو ويرجع بجيش يتبعكم.
آية ٥١
{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ(٥١) }
بعد أن نجَّى الله سبحانه وتعالى موسى وقومه وأغرق فرعون.. كان لابد أن يتم إبلاغ موسى بالمنهج. وكان الوعد يشمل أربعين ليلة.. هذه الليالي الأربعون حددت ثلاثين .. تم أتمها الحق سبحانه وتعالى بعشر أخرى.. . وعندما يتكلم الدين عن الزمن يتكلم دائما بالليلة.. والسبب حساب الشهر يبدأ بأن يكون القمر هلالا ولكنهم فى هذا التوقيت قد صنع السامري عجلا ليعبدوا فإنهم ظالمون لأنفسهم أولا" ثم للمجتمع لان عبادة غير الله تؤدي إلى أفعال تؤذي النفس والمجتمع لأن الله عز وجل واضع قوانين تضبط المجتمع وهو منهج يظهر الحق والباطل ويظهر الخير والشر وهو منهج لإتباع الخير وتجنب الشر لذلك من يعبد غير الله يفسد المجتمع ويعود بالضرر على الإنسان نفسه لأنه جزء من المجتمع
آية ٥٢
{ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(٥٢)}
الله سبحانه وتعالى يمن على بني إسرائيل مرة أخرى.. مع أنهم ارتكبوا ذنبا من ذنوب القمة.. ومع ذلك عفا الله عنهم لأنه يريد أن يستبقي عنصر الخير للناس.يريد أن يعلم خلقه أنه رب رحيم. يفتح أبواب التوبة للواحد بعد الآخر..
آية ٥٣
{ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)}
وكانت فى هذه الليالى التى ذهب فيها موسى لميقات ربه قد آتاه الله الكتاب والفرقان الذي يوجد فيه . المنهج الذي يبين المنهج.. وفيه الهداية إلى الخير باتباع المنهج لأنه حماية للمجتمع
آية ٥٤
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)}
ولكن حتى يتوب الله عليهم لابد من كفارة للذنب وهى ان يقتلوا انفسهم وهذه تكون التوبة الافضل لأن بعدها مغفرة لا يحاسبون في الآخرة وسوف يدخلون الجنة وهذه من رحمة الله لأنه هو التواب الرحيم
آية ٥٥
{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ(٥٥) }
بعد أن تاب الله على قوم موسى بعد عبادتهم للعجل.. عادوا مرة أخرى إلى عنادهم وماديتهم. فهم كانوا يريدون إلها ماديا.. إلها يرونه ولكن الإله من عظمته أنه غيب لا تدركه الأبصار.. وقوم موسى حينما طلبوا منه أن يروا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون.. عندما اجترأوا هذا الاجتراء على الله أخذتهم الصاعقة.. والصاعقة إما نار تأتي وإما عذاب ينزل.. المهم أنه بلاء يعمهم.. والصاعقة قد أصابت موسى.
آية ٥٦
{ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(٥٧) }
فكأن قوم موسى ماتوا فعلا من الصاعقة..وموسى اغمى عليه ثم أفاق موسى من تلقاء نفسه.. أما أولئك الذين أصابتهم الصاعقة من قومه.. فقد ماتوا ثم بعثهم لعلهم يشكرون
آية ٥٧
{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)}
فالله تبارك وتعالى قد رزقهم بهذا الرزق الطيب من غمام يقيهم حرارة الشمس، ومَنّ يعطيهم وقود الحركة. وسَلْوَى كغذاء لهم، وكل هذا يأتيهم من السماء دونما تعب منهم..وهم بدلا من أن يقابلوا هذه النعمة بالشكر قابلوها بالجحود. وقوله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} رفضوا رزقا من الله ينزل من السماء مثل المن والسلوى ليطلبوا رزق أقل منه ويأتى بتعب
آية ٥٨
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ( 58)
وبالفعل دخلوا بيت المقدس أو فلسطين أو الأردن.وأُمروا أن يدخلوا ساجدين وان يقولوا حِطَّةٌ أي حط عنا ذنوبنا يا رب خالفوا أمر الله وغيروا كلام الله متعمدين ان دخلوا زاحفين على ظهورهم قالوا حنطة بدل حطه على الرغم ان امر الله له ليغفر لهم ذنوبهم ويجعلهم من المحسنين وسيزيدهم بأن يروا الله لان الزيادة أن يروا الله يوم القيامة. هذه هي الزيادة التي ليس لها نظير في الدنيا.
آية ٥٩
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)
بنوا اسرائيل رغم كل هذه النعم بدلا" من أن يشكروا الله خالفوا امره وبدلوا القول الذي قيل لهم فبدلا" من أن يقولوا حطة قالوا حنطة وبدلوا طريقة الدخول فبدلا من أن يدخلوا ساجدين دخلوا على ظهورهم زاحفين.. وكان هذا رغبة في المخالفة.. فأصابهم الله بعذاب من السماء بما كانوا يفسقون
آية ٦٠
وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ( ٦٠)
يذكر الله عز وجل بني إسرائيل أن سقاهم حين طلبوا السقيا وأمر الله عز وجل بقدرته أن العصا تفلق حجرا" وينفجر منها عيون حتى تتوزع على جميع القبائل أو الأسباط من كل اتجاه لأنهم كانوا كل مجموعة في مكان ويأمرهم الله بعد هذا الرزق وانهم نجاهم من الجفاف وغيره من عدم وجود المياه أن لا يفسدوا في الأرض
آية ٦١
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(٦١)}
لقد طلب بنو إسرائيل من موسى أن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يخرج لهم أطعمة مما تنبت الأرض.. وعددوا ألوان الأطعمة المطلوبة.. بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا وما يلفتنا طلبهم هذا ...فإن الله رزقهم المن والسلوى وهم يطلبون أصناف تدل على أن من يأكلها هم من صنف العبيد.. والمعروف أن آل فرعون استعبدوا بني إسرائيل.. ويبدو أن بني إسرائيل أحبوا حياة العبودية والله سبحانه وتعالى قبل أن يجيبهم أراد أن يؤنبهم ..فقال تعالى {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ}.والباء تعود على المتروك وهو الخير وهو رزقهم الذي كان يأتي بلا تعب ويريدون الرزق الذي يشقون فيه وقال له اهبطوا مصرا فإن فيها كل ما يطلبون قوله تعالى: {اهبطوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} قوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة} ضربت أي طبعت طبعة قوية بضربة قوية أذلتهم لا يستطيعون محوها.. اصابتهم بإنكسار في الهيئة. أهل الكتاب كانوا يدفعون الجزية والجزية كانت تؤخذ من الأغنياء.. وكانوا يلبسون الملابس القذرة.. ويقفون في موقف الذل والخزي حتى لا يدفعوا الجزية. وقوله تعالى: {وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ الله}.. أي غضب الله عليهم بذنوبهم وعصيانهم. حتى أصبح فهم من كانوا يعتدون ويقتلون النبيين بغير حق
آية ٦٢
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٦٢﴾ }
وكأن رسالته صلى الله عليه وسلم جاءت لتنقية كل الأديان السابقة اليهودية والنصرانية والصابئة..ومع الإيمان بكل ما سبق لابد من الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بدين الإسلام.. الإسلام يجمع كل المعتقدات السابقة على الأرض.. ويجعلها مركزية في دين واحد.. من آمن بهذا الدين وعمل صالحاً باتباع منهج الله أجزاه الله خيراً سيحسن أعماله وإيمانه فلا خوف عليه ولا هم يحزنون
آية ٦٣
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٦٣﴾ }
أخذ الله تعالى العهد القديم من اليهود ليؤمنوا بالإله الواحد. لكنهم ينقضون العهد دائماً رغم كل النعم التي وهبها الله لهم وبعد أن نجّاهم الله وأغرق فرعون وقومه ذهب موسى للقاء ربه ليتلقى منه التوراة، وحين عاد موسى بالتوراة مكتوبة على الألواح وجد بني إسرائيل يعبدون العجل، فرفضوا التكليف وقالوا: لا نطيق هذا التكليف، مع أن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا ما وسعها، فرفع الله تعالى فوقهم جبل الطور في سيناء وقال لهم: اقبلوا التكليف أو ليطبقن عليكم الجبل، فلما رأى بنو إسرائيل الجبل فوقهم خرّوا وسجدوا على الأرض، وسجودهم دليل على قبولهم المنهج.
آية ٦٤
{ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٦٤)}
ولولا فضل الله عليهم ورحمته لكانوا من الخاسرين. ويقال لك: هذا حقك وهذا فضل مني، أي زيادة على حقك، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استقيموا وادنوا وأبشروا فإنه لن يدخل الجنة أحد بعمله»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بالمغفرة والرحمة. والرحمة هي التي فتحت الطريق للتوبة ومغفرة الذنوب، والله تعالى بفضله ورحمته قادهم إلى الدين الذي حفظه الله تعالى بقدرته من كل تحريف. وأعطاهم نعمة هذا الدين الخاتم الفاصل، وبهذه الرحمة والفضل.. بأن أنزل عليهم في التوراة صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموعد بعثته.. فتح لهم باباً لئلا يكونوا من الخاسرين.. فتركوا هذا الباب حين أعرضوا عن دينهم.